♦ الملخص:
تكملة للاستشارة السابقة بعنوان: مشكلة بسبب أهل زوجي (1)
♦ التفاصيل:
المستشارة الأستاذة لولوة السجا، جزاكِ الله خيرًا على ردك ونفع بك.
مشكلتي أنَّ زوجي دائمًا يعتبرني مُخطئةً في حق أهله، وفي ذلك اليوم الذي أهانني فيه كان غاضبًا لغضب أمِّه؛ فقد اعتبرها مُحقةً في كلِّ ما قالت، ولم يَدَعْني أتكلم أو أُوضِّح له ما قالتْ لي، واتهمني بالتقصير في حقها، ومِن جانبها اتَّهَمَتْني بالتقصير في حقِّ بناتها، رغم أنَّ هذا الأمر غير صحيح؛ فأنا لم أؤذهم بشيءٍ، وأسأل عنهم وأزورهم من وقت لآخر.
منذ ذلك اليوم وأنا لا أُكَلِّمه بخصوص هذا الموضوع؛ لأنني أعلم أنني إذا تكلمتُ سيُخَطِّئني ويغضب.
زوجي يريدني أن أقول له: (نعم) في كل شيء، لا يريد أي جدل أو نقاش، ولما قال لي كلامه الجارح جدًّا لم أناقشه لأنه يعدُّني كاذبة، وهذا أكبر ما آلمني في الموضوع؛ فكيف يصفني بأوصاف جارحة رغم تمتعه بطيب الأخلاق؟ وعلى فرض أنني قد أخطاتُ، فهل يحق له ذلك؟
أرجو منكم النصح وإخباري بما يمكنني أن أفعل.
الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:
فأنا حينما ذكرتُ لك ما ذكرتُ لم أقصدْ تأييده فيما يقول البتة، وإنما كنتُ أتحدَّث عن سلوك زوجك العام معك، الذي كنتُ أظن أنه لا بد وأن تكونَ له أسباب ودوافع، وكونُ زوجك استخدم ذلك الوصف السيئ فذلك أمر يعود لخُلُقٍ وطبعٍ يَخُصُّه، وذلك مما يُخالف أمرَ الله جل جلاله ورسوله في التعامل مع النساء؛ حيث أوصى بهنَّ خيرًا، والأخلاقُ كما تعلمين إنما هي أرزاقٌ يُقَسِّمها الله بين عباده.
ومع ذلك أُذكِّرك بقول الله جل جلاله: ﴿ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾ [النساء: 19]، فلعلك تستخدمين ما حصل كسلاح، وذلك بأن تُرسلي له رسالةً تُبينين فيها شدة تأثُّرك بكلماته، وكيف أنك تفاجأتِ بها، وتتساءلين كيف يصفك بها وأنت زوجته وأم أبنائه؟ وكيف يفعل ذلك وما حصل لا يستحقُّ أن يُطْلَقَ بسببه هذا الوصف؟ واذكري في الرسالة ما عجزتِ عن قوله.
واعلمي أن أغلب المشاكل حقيقةً تكون أسبابُها تافهة، ولو تفاداها الطرفان واجتهدا في الفعل وفي الترك؛ لصلحت الأمورُ بفضل الله وتوفيقه.
وبما أني الآن أُوَجِّه حديثي إليك، فبادري بفعل كل ما ترين أنَّ مِن شأنه تهدئة الأمور، حتى وإنْ كنتِ غيرَ مقتنعة أو كارهة! فأنت حين تفعلين ذلك فإنك إنما تفعلين احتسابًا ورغبةً فيما عند الله مِن الأجر والثواب؛ قال تعالى:﴿ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴾ [فصلت: 34، 35].
أوقفي النقاش أحيانًا مع زوجك، والجئي إلى الصمت إن كان الصمتُ يُؤثر فيه، أو الاعتذار إن كان يُحب الاعتذار، افعلي الشيء الذي تدركين عِظَم تأثيره عليه، والذي قد يُشعره بالأسف والخجل مما بدر منه، وثقي وتأكدي أن المجتهد دائمًا لا يعدم الأثر، فكيف إذا كان عملُه خالصًا لوجه الله؟
المسألة قد يكون سببها اختلاف الطباع، وذلك يحصل غالبًا في سنوات الزواج الأولى، ومِن ثم تصلح العلاقة إذا كان كلُّ طرف حريصًا على الآخر، أو على الأقل إذا اجتهد أحدُ الطرفين في الإصلاح والتغيير ولملمة الأمور؛ لذا فإنَّ الله لا يُكلِّف نفسًا إلا وُسْعَها، اعملي كل ما في وسعك، واسألي الله التوفيق.
لا حُرِمْتِ ذلك، وكفاك الله ما أَهَمَّك وأحزنك، إنه هو البرُّ الرحيم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بواسطة : أ / لولوة السجا .