الاستشارة:
السلام عليكم
لجأت الى الله بالاستخارة ولكم بالاستشارة فلا تتأخروا علي.
انا فتاة عمري ٣٦ سنة عزباء، والدي متوفى واخواني ليس منهم رجل حكيم رشيد اقدر استشيره،
كل ماتقدم لي خاطب يتم كل شيء والموافقه عليه وفجأه كل شي يتكنسل ولا نعرف السبب،
وفيه شخص له مايقارب ١٥ او ١٨ سنة شخص يخطبني ويردوه أهلي كونه متزوج وانه يستخدم الحشيش ، كل سنه يخطبني ويرد، الآن خطبني وقالوا لي أهله)نفسه فيك( عرفت انه اللي فيني نفسه اللي ترد عني الخطاب، وطلق زوجته وحرمت عليه ولديه اولاد منها لهم منزل خاص فيهم ويقولون لي لك منزل خاص لك وايش تبغي مستعد يسويه لك وترك كل خرابيطه حتى الدخان ماعاد يدخن .
سؤالي،
كيف اتأكد من هذا الشي، وكيف اضع شروطي كون عمره ٤٨ سنه، يعني ايش الشروط المناسبه اضعها حتى اكون في مأمن في حياتي الزوجية.
ساعدوني الله يجزاكم خير
الرد على الاستشارة:
نُرحِّب بك أُختنا الكريمة في موقع المُستشار؛ وُ نثمّنُ لك ثقتكِ بالموقع، ونسأل الله لك التوفيق، و الإعانة . فيما يخُص استشارتك؛ يَجبُ أنْ نُنَبِّهك إلى عدَّة أُمور : • أوَّلُ هذه الأُمُور : هو ما ذكرتِه في رسالتَك من أمر العين، والنَّفس؛ فلا ينْبغي نِسبة كُلّ أمر إلى أثرها، أو المُبالغة في الخوْف مِن ذلك و إنَّما يحتاط المُسلم لدفع ذلك، بالأذكار المسنونة مع التَّوكُّل على الله، وإذا أُصِبتِ بشيء من ذلك فعلاج ذلك ميسور بالرُّقى المشروعة، وليس الاستسلام لكلام النَّاس الذي قد يكونُ غير صحيح، أو قد يكونُ لأهداف أخرى. • الأمر الآخر هو : أنَّ هذا الخاطب قد طلَّق زوجته عدة طَلَقات، و بانت منه الزوجة، و حَرُمت عليه… فثلاث طلقات تختلف كثيراً عن طلقة واحدة؛ فما سبب هذا الطلاق؟ لابد من السؤال من عدة مصادر؛ حتى لا تكوني ضحية. وفيما يخُص أن الخاطب قد ترك الإدمان، و تعافى منها تماماً… حتى أنَّه قد ترك الدُّخان أيضاً ! فهل هذا الكلام من باب إخفاء الحقيقة، لتحقيق أهداف معينة..!! وإن كان فعلا حقيقةً؛ وهذا قد سبَّب لك حيرةً في قبوله ما بين رغبة في المُوافقة، وخوف من عدم القُدرة على عيش حياة زوجية طبيعية معه؛ فالإجابة التي ستحسم حيرتك – بإذن الله – لن نُحددها في المُطلق بنعم، أو لا… ولكن سيكُون تحديدُها مبنيِّاً على عدة شُروط يجب توفرها، والتَّاكُّد من أنَّ الشَّخص قد خضع لها؛ حتى لا تدخلي في دوَّامة جديدة؛ أسواً من وضعك الحاليّ. و يتّحدَّدُ الزواج منه بمدى قُوَّة تعافيه؛ وهل التحق بأحد مراكز علاج الإدمان أم لا ؟، وهل تَمَّ تغُييرهُ بشكل تامّْ، وهل تمَّ تهيئتَه لبدء حياةٍ جديدة ؟ و ما مدى التزامه بخُطُوات منع الانتكاسة؛ التي يحددها البرنامج العلاجي؟ فالتَّعافي بشكلٍ كُليّ تامّ يضمنُ عدَم الانتكاسة، ومن ضمن تلك التَّغييرات : ( التَّغْيير في السُّلُوك والأفكار السَّلبية بشكلٍ كامل، وتدريبه على مُقاومة أفكار التَّعاطي؛ والتي ستطارده حتى بعد فترة العلاج ، وهل تم إخضاعُه للتأهيل الاجتماعي ، والتدريب على كيفية العيش بدون مخدر؟، وهل تم علاجه من الامراض النفسية المصاحبة؟ مثل :” الاكتئاب، والقلق، والفصام، والأعراض الذُّهانية.. وغيرها ” )، حسب حالته التي يعيشها؛ وتلك الأسئلة تكون إذا كان طلب زواجك من هذا الخاطب فعلاً مدمن تعافي من الإدمان، وابتعد عن محفزات التعاطي من أصدقائه السابقين. ويمكن أن تتخذي قراراك هذا بناءً على تقدير الخُطورة التي يمكن أن تحصل لك من هذا الزواج، والخيار أمامك، وأنتِ صاحبة القرار، وأنت مَن تُقدّرين الحالة، ويكون الخيار بعد الإجابة الشافية، الكافية لكل هذه الأسئلة . و هذه بعض النُّقاط المُهمَّة علَّها تُفيدك في طريق الحلّ : أولاً : ما نعيشه من مشاكل هو بسبب أنفسنا، ليس بسبب آخر. يقول سبحانه :﴿ مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا ﴾، [النساء-٧٩]، فيجب أن نُصلح مابيننا وبين الله سبحانه، ونعود إليه و نلجأ إليه؛ حتى يُصلح حالنا. ثانياً : لابُد من التَّوبة إلى الله سبحانه من المعصية، وعدم الرجوع إليها، والابتعاد عمَّا يُغضب الله عز وجل، فإذا تاب الإنسان من معاصيه فسيتغيَّر حاله، وتزول مشكلته، يقُول سبحانه : ﴿ إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ [الرعد: 11] . ثالثا : من يبحث عن الراحة والسعادة في حياته فلن يجدها إلا بالعودة إلى طاعة الله، ورضوانه. يقول سبحانه : ﴿ وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ﴾ ، [هود: ٣]، ويقول سبحانه : ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ ، [النحل: 97] . رابعاً : عليك بالصلاة، والمحافظة عليها في أوقاتها، فلها أهمية كبيرة في الراحة النفسية، فقد كان -صلى الله عليه وسلم- إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة، و يقول سبحانه : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾، [البقرة: 153]. فالصلاة أمرها عظيم، ولها تأثير على من يُؤديها بخشوع وخضوع . خامساً : عليك بصلاة الاستخارة، بأن تُصلِّي ركعتين من غير الفريضةِ، ثم تحمدي الله، و تصلين على نبيّه، ثم تدعين بنصّ الدعاء التالي : (( اللَّهُمَّ إنِّي أستَخيرُكَ بعِلمِكَ ، وأستَعينُكَ بقُدَرتِكَ، وأسألُكَ من فضلِكَ العظيمِ، فإنَّكَ تقدِرُ ولا أقدِرُ ، وتَعلمُ ولا أعلَمُ، وأنتَ علَّامُ الغيوبِ، اللَّهمَّ إن كُنتَ تعلمُ إنَّ هذا الأمرَ خيرٌ لي في ديني ومَعاشي وعاقِبةِ أَمري أو عاجِلِ أَمري وآجلِهِ فقدرهُ لي، ويسِّرهُ لي، ثمَّ بارِكْ لي فيهِ ، وإن كنتَ تعلمُ إنَّ هذا الأمرَ شرٌّ لي في ديني ، ومَعاشي ، وعاقبةِ أَمري أو عاجلِ أَمري وآجلِهِ، فاصرفهُ عنِّي، واصرِفني عنهُ، واقدُرْ لي الخيرَ حيثُ كانَ ، ثمَّ ارضِني بِهِ )) . سادساً : لابُد من زرع الثِّقة بالنفس، وكذلك الثقة بأن الله سيُغيِّر حياتك إلى الأفضل، و يُزوجك و يُؤمِّن راحتك النَّفسيِّة، وبعد التغيير ستُعيدين بناء حياتك من جديد، وعند الإحساس بعدم الثِّقة قد نُنهي حياتنا على مبدأ أن التغير لن يتم، وهذا خطأ يجب أن تتنبَّهي إليه، و اقرئي الكتب والمقالات التي لها علاقة بتطوير الذات وتقوية الشخصية فهي مفيدة بالنسبة لك. سابعاً : عليك بكثرة الاستغفار، و الصَّلاة على النَّبي -صلى الله عليه وسلَّم- فهما من أسباب تفريج الهموم، والكُربات، ولا تنسي قراءة ورد يومي من القرآن الكريم فقد ورد عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنَّه قال: ( اقرَؤوا سورة البقرةِ، فإنَّ أَخْذَها بركة، وتركَها حسرة، ولا تستطيعُها البَطَلَة ). [صحيح مسلم]، والقرآن كله بركة. ثامناً : الحياة لا يجب أن تتوقَّفَ عند مشكلة يمكن حلها، و نظرتنا لأنفسنا أو احترامنا لها لا يكون من خلال أعين الآخرين؛ بل ينبع مِن داخل أنفسنا، و تطويرنا لها وتغييرنا لطريقة حياتنا على ما يرضي الله. أخيراً : عليك بالدُّعاء لنفسك، واعلمي أن الدُّعاء مُستجاب -بإذن الله- قال تعالى: ﴿ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ﴾ [البقرة : 186 ]. ويقول سبحانه ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ ،[غافر : 60 ]. فأكثري من الدعاء لنفسك، ومع والدعاء سيتغير الحال – بإذن الله – إلى الأحسن. نسأل الله تبارك و تعالى لك التَّوفيق والسداد، و نسألُه سُبحانه و تعالى أن يسهِّل أمركِ و يُسعدَك، و يوفقَك، و يدلك على طريق الخير و السعادة، وأن يُزوجك بالزوج الصالح، الذي ترغبين فيه، والله الهادي إلى سواء السبيل .
_________________
بواسطة:
عبدالله بن عبدالعزيز حمد الخالدي
_________________
رابط الموضوع: