أهم عشرة أسباب للطلاق في المملكة

بداية، وقبل سرد تلك الأسباب العشرة التي انتخبتها بعد فرز مضنٍ من الكثير من المسببات والدوافع التي تؤدي لحدوث الطلاق في المجتمع بهذا الشكل الكبير والمخيف، كان لابد من ذكر بعض الأرقام والاحصائيات والنسب الموثقة عن هذه الظاهرة الخطيرة التي تنخر في جسد المجتمع وتتسبب في تصدع خليته الأولى، وهي الأسرة، مما ينعكس سلباً وبشكل خطير جداً على تنمية واستقرار وتماسك الوطن.

الطلاق، كظاهرة سلبية، تترك آثاراً ضارة على كل أفراد المجتمع، خاصة الأطفال والنساء، وتؤثر على سلامة وأمن ورفاهية المجتمع، بل والوطن بأكمله، بحاجة ضرورية لأن تحظى باهتمام وعناية من قبل المعنيين بهذه المشكلة المعقدة، وكذلك تحتاج إلى وجود مراكز ومؤسسات بحثية متخصصة تُعنى بدراسة وتحليل وتشخيص هذه الحالة السلبية الخطيرة التي تؤرق مجتمعنا بمختلف أفراده ومكوناته وطبقاته. وبين يدي عدة نسب واحصائيات وأرقام، كشفتها وزارة العدل والعديد من المراكز والمصادر المهمة الأخرى، تُشير وبشكل واضح ودقيق، إلى الارتفاع المجنون لمنسوب هذه الظاهرة الخطيرة.

فهناك أكثر من ٣٠ ألف حالة طلاق خلال العام الواحد، أي بمعدل ٨٠ حالة في اليوم الواحد، وبمقدار ٣ حالات في الساعة الواحدة. وقد احتلت “فئة السعودي المتزوج من سعودية” النصيب الأكبر من حالات الطلاق بين الفئات الأخرى بنسبة ٩٠٪، بينما “فئة غير السعودي المتزوج من غير السعودية” جاءت في المرتية الثانية بنسبة ٧٪، تلتها “فئة السعودي المتزوج من غير سعودية” بنسبة ٢٪، وأخيراً “فئة غير السعودي المتزوج من سعودية” بنسبة ١٪.

وفي آخر احصائية اصدرتها وزارة العدل على موقعها الإلكتروني، اظهرت أن هناك ٣٣٩٥٤ حالة طلاق خلال العام ٢٠١٤، فيما بلغت حالات الخلع على مستوى جميع المناطق ٤٣٤ إثبات خلع، بينما دخل القفص الذهبي ١١٨١٧ عن الفترة الزمنية نفسها. كما أن أعداد حالات الطلاق خلال العام الحالي زادت بأكثر من ٨٣٧١ حالة طلاق عن العام الماضي. وتصدرت منطقة مكة المكرمة قائمة المناطق السعودية الأكثر إصداراً لصكوك الطلاق بإجمالي بلغ ٩٩٥٤ إثبات طلاق، بينما جاءت مدينة جدة على رأس قائمة أكثر المدن السعودية كافة إصداراً لإثباتات الطلاق بواقع ٥٣٠٦ إثباتات، تلتها العاصمة المقدسة بواقع ٢٣٢٦ إثبات طلاق، و١٤٥٩ إثبات طلاق في الطائف، بينما توزعت بقية حالات الطلاق البالغة ٨٦٣ حالة على بقية مدن ومحافظات منطقة مكة المكرمة.

الاحصائيات والنسب المرعبة لتنامي هذه الظاهرة الخطيرة كثيرة وكبيرة جداً، ويمكن اختصارها بهذه النسبة المخيفة حد الهلع، وهي أن ربع حالات الزواج التي تتم في طريقها للطلاق، وهذا مؤشر خطير جداً على بنية ووحدة وسلامة المجتمع في المملكة.

والآن، إلى أهم ١٠ أسباب للطلاق في مجتمعنا، والتي انتخبتها نتيجة ما قرأته وسمعته وعايشته:

السبب الأول، غياب الثقافة الزوجية بمختلف مستوياتها الاجتماعية والحقوقية والاقتصادية بين الزوجين الحديثين.

السبب الثاني، هو الاختلاف والتباين في المستوى الثقافي والفكري والتعليمي، حيث يُشكل هذا التباين هوة واسعة، قد لا تستطيع العلاقة الزوجية تجسيرها بسهولة، فيكون الطلاق هو الحل.

الخيانة الزوجية، هي السبب الثالث في زيادة منسوب الطلاق في المجتمع، لأنها تُمثل شرخاً غائراً في هذه الشراكة التي تُبنى على الأمانة والإخلاص والثقة.

السبب الرابع، هو عدم التواصل والتحاور والتفاهم بين الطرفين، مما يجعل حياتهما أشبه بعالم من العزلة، فتبعد المسافات وتبدأ المشكلات وتتعقد الخلافات.

أما السبب الخامس، فهو تقصير الزوجة في الواجبات المنزلية والاهتمام بالزوج، أو تقصير الزوج في تحمل المسؤولية والالتزام بالأعباء المالية، وتحت إصرار كل طرف بتوجيه الاتهام للآخر، دون مراعاة للظروف والامكانيات، يتسلل الطلاق بوجهه الخبيث للقضاء على هذه المؤسسة الإنسانية الرائعة.

السبب السادس، هو سيطرة الأهل، والأم تحديداً، وتدخل الأقارب في التفاصيل الصغيرة والكبيرة بين الزوجين. فالتدخلات الكثيرة التي تخترق هذه العلاقة الخاصة بين الزوج وزوجته، هي أحد أهم أسباب الطلاق في مجتمعنا، بل وكل المجتمعات العربية والإسلامية.

الاختلاف على الأولويات والاهتمامات والطموحات بين الزوجين، هو السبب السابع لحالات الطلاق. وعدم الوصول إلى نقطة التقاء واتفاق بين الطرفين، قد يُنهي الحياة الزوجية مبكراً.

الإدمان على الكحول والمخدرات، هو السبب الثامن الذي يؤدي إلى اللجوء للطلاق، وخاصة من قبل الزوجة أو أهلها.

السبب التاسع، هو ذكورية المجتمع الذي قد يُشجع الرجل على التساهل باستخدام الطلاق كورقة ضغط لأنه يستطيع أن يبدأ حياة أخرى بكل يسر وبساطة، بينما المرأة المطلقة تعيش المعاناة بكل آلامها وقسوتها، إضافة إلى أن هذا المجتمع الذكوري، يُحمّل المرأة دائماً السبب في حدوث الطلاق.

التقنية الحديثة، من إنترنت وأجهزة ذكية ووسائل ووسائط التواصل الاجتماعي وغرف المحادثة وغيرها، هي السبب العاشر، حيث تسببت وبشكل كبير جداً في تنامي حالة الشك والاتهام والريبة بين الزوجين، مما جعل الطلاق في كثير من الأحيان، أحد الحلول التي يُقدم عليها أحد الطرفين.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بواسطة: فاضل العماني .

محاسن الزواج 

يعتبر الزواج علاقة راقية تجمع بين مخلوقين خُلِقا ليكملا بعضهما بعضاً في هذه الحياة، ألا وهما “الرجل والمرأة”، ولهذه الرابطة مميزات، سنوجزها في عناصر، وقبل التطرق إليها نقدم تعريفاً بسيطا له، لشرح المعنى العميق لهذه الرابطة، وأثرها الكبير في المجتمع بأسره، على مستوى صلابته.

فالزواج هو تلك العلاقة الشرعية والرسمية التي تربط الرجل بالمرأة، وهو ميثاق غليظ وعروة وثقى بينهما، لينجبا الأبناء، وتكبر هذه الأسرة في أحضان المجتمع، فيساهما مساهمة فعالة في إثرائه، ولهذا الدور أهمية، في أن يحافظ على السلامة والصيانة لكيان المجتمع، بتكامل أفراده:

1- يلقن الزواج الرجل المسؤولية، حيث يصبح قائماً على عائلة وهو متولي شؤون تسييرها، كما أنه هو قائدها أمام الناس، فهو العائل وهو الذي يستجيب لمتطلباتها ويسعى إلى توفيرها.

2- يغذي الزواج عاطفة الأمومة لدى المرأة، حيث تصبح أماً بإنجابها لأولادها، والأب أيضاً يشعر بعاطفة الأبوة فتترسخ فيه، وهذه العاطفة فطرية فيهما، والشعور بها، يجعلهما في توافق روحي وتناغم.

3- يعتبر الزواج مصدر استقرار نفسي بالنسبة للرجل والمرأة، فيصبح كل منهما سكناً للآخر وملتجأ إليه، فالرجل يحس بزوجته ويقدر ضعفها وعاطفتها الغالبة عليها، والزوجة تفهم زوجها وتحسسه بالراحة إن أحس بالتعب، جراء سعيه اليومي لتوفير لقمة العيش.

4- يحث الزواج الرجل على العمل، ويدفعه إلى البحث عنه دفعاً، لأنه من الواجب عليه السعي للبحث عن الرزق وإعالة عائلته، فينطلق من داخله بقوة إلى تلبية الاحتياجات اللازمة لها.

5- يعد الزواج طريقاً لإنجاب الأولاد، وبالتالي التكاثر وزيادة النسل، والقيام بالدور في هذه الحياة، ألا وهو عمارة الأرض، فالأسرة مؤسسة مصغره، وهي منطلق المجتمع وتؤثر فيه تأثيراً بالغاً.

6- يحصن الزواج الرجل والمرأة وهو طريق لإشباع الحاجة الجنسية في الحلال، خاصة مع الفتن التي نعيشها في زماننا الحاضر، فهذه الطبيعة الفطرية، تشبع بهذا السبيل اللائق بها.

7- الزواج وقاية للجانب الإيماني للطرفين، فاختيار شريك الحياة، يجب أن يكون مبنياً على الصلاح والتقى، وهو المعيار الأنسب، وهذا ما يعزز الثبات، فيحث كل منهما الآخر على الطاعة، والابتعاد عن الملهيات التي لا طائل منها، فيقوّيان بذلك تحصينهما.

8- يشجع الزواج على البر بالوالدين، لأن بإنجاب كل من الرجل والمرأة لأبنائهما، سيعرفان قيمة الأبوة والأمومة، والخوف على فلذات الأكباد، فيدفعهما ذلك إلى الإقبال على والديهما أكثر، مع كبر سنهما وضعف جسديهما.

9- يمثل الزواج نواة أساسية للمجتمع، فبصلاحها وسلامتها يسلم المجتمع ككل، وتتركز دعائمه على أسس متينة، فهو خلية صغيرة، لها تأثيرها في المجتمع، وبها ينصلح حاله.

10- يساهم الزواج في تفعيل النضج والوعي لدى الرجل والمرأة، بالأخص إن كان زواجهما في مرحلة الشباب، فهو يعتبر خير صاقل لشخصيتهما، ومن الأفضل الزواج في فترة الشباب، لأنه سُنّة، وبها يتحسن مزاجهما، فيطرد الشاب والشابة عن نفسيهما التفكير في هذا الأمر، والشعور بالتوهان، وعدم معرفة ما يريدانه وما هما مسخران إليه.

للزواج محاسن عديدة، ولا شك أن معرفة الغاية منه، هو ممهد لتماسك الأسرة، وهذا ما يساهم في استقرار المجتمع، وبلوغه مرحلة الرقي والتكامل، فالسعي إلى توفير الشروط اللازمة له، هو مساهمة فعالة في صيانة المجتمع من الأمراض والآفات الاجتماعية التي قد تعصف به، وأصبحت كثيرة، مع الانفتاح على الوسائل التي تربط الناس، فيتم التواصل دون حسيب أو رقيب، فينجر عن هذا، ابتعاد الأفراد وانعزال كل منهم في عالم خاص به، رغم أن الإنسان بطبعه اجتماعي.

________________________
بواسطة : أسامة طبش .

________________________
رابط الموضوع: https://www.alukah.net/social/0/126794/%D9%85%D8%AD%D8%A7%D8%B3%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B2%D9%88%D8%A7%D8%AC/#ixzz7Or6dPFWJ

انظر إلى نفسك وزوجك.. فيكما علامات تهدي إلى الصراط المستقيم 

خلَق الله عز وجل آياتٍ في السماوات والأرض، وأنزَل آياتٍ في كُتبه على رُسله، جميعها يدلُّ على الله؛ يبيِّن بها الحقَّ ويهدي بها إلى صراط مستقيم: ﴿ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾ [فصلت: 53].

والآية في العربية هي العلامة، فلمَّا كان لله سبيلٌ (طريق) يؤدي إليه، جعل عليه علاماتٍ يخرج بها الناس من ظلمات الطرق غير المؤدية إليه إلى نورِ طريقه، ويَصرِفهم عما يُضِلُّهم أو يَحرِفهم عنه؛ أليس الله قد علَّم عباده كيف يُمهدون الطرق، وكيف يهتدون إليها، وكيف ينتفعون بعلامات في السماوات (النجوم) والأرض (كالجبال والأنهار): ﴿ وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ * وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ﴾ [النحل: 15، 16]، ثم هداهم إلى إشارات يضعونها على الطرق التي اعتاد الناس المرورَ بها، فعلِمنا أن العلامات هي مما يَحفظ العبد على الطريق من الضلال والتيه؟! قال الله: ﴿ وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ * وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴾ [الذاريات: 20، 21].

وكذلك: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الروم: 21].

فمن تلك العلامات الدالة على الله وعلى صفاته، ويهدي بها إلى صراطه سبحانه وتعالى – أن خلَق لنا من أنفسنا أزواجًا، فهذه آية دالة على أن الله ليس كمثله شيء، وآية ناطقة بتسبيحه سبحانه وتعالى (تنزيهه عن النقائص)، فماذا لو كان مَن على الأرض صِنفًا واحدًا – لا ذكر فيه ولا أنثى – غير متكاثر؟! أليس قد يَنسى الناس نقصَهم؟

فتطوُّر الناس أطوارًا مِن النُّطفة حتى الشيخوخة، ثم الوفاة – دليلٌ على عجز ونقص ورجوع إلى الله وحياة آخرة!

وهذا الطفل يخرج من صِنفين الذكر والأنثى، فذلك دليلٌ قاطع على نقص في البشر، وتَذكرة لهم؛ لكيلا يَغترُّوا بما وهبَهم الله من قدرات وإمكانات.

بعضهم يدَّعي أنه إلهٌ برغم كل هذا العوز وتلك النقائص في نفسه، فكيف بتلك الأنفس المعلولة لو كانت صنفًا واحدًا لم يجعل الله فيه بعضَ تلك النقائص؛ كالوحشة والحاجة إلى الزوج مثلًا؟! والله أعلمُ بما خلق، فعَّال لما يريد، وهو أحكمُ الحاكمين.

وأما قول الله: ﴿ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا ﴾، ففيه التنزيه البيِّنُ لله عز وجل، فجزء منه في الأزواج والتكاثر الذي لا يحدث إلا بهذا التزاوج، (إلا ما قدَّر الله من آيات عرَّفها لنا كآدم وعيسى)، والعلامة الثانية في قوله: ﴿ مِنْ أَنْفُسِكُمْ ﴾.

فالزوج يكون من الصِّنف ذاته، وهذا دليلٌ على أن البشر مخلوقون وهم صنفٌ متكاثر، أما الإله فواحد وليس بصِنف (سبحانه وتعالى)، فنفسه واحدة لا مثيلَ لها، وليس غيرها.

فأنتم أيها الناس أزواجُكم منكم مِن صِنفكم، فكيف تظنون بالله غير الحق، وتدَّعون له زوجةً من أنفسكم أنتم، فمَن أنتم لِتَظنُّوا هذه النقيصة في الرب سبحانه وتعالى!

وكذلك المودة والرحمة بين الأزواج، فهي احتياج ينعَم به البشر، وليس بالله عوز سبحانه وتعالى، فهو الأول والآخر، بديع السماوات والأرض، فلم تكن له صاحبة أبدًا، ألم يكن الأول، ثم أتى على الإنسان حينٌ من الدهر لم يكن شيئًا مذكورًا؟!

أما آدم فقد خلَقه الله، وخلَق له حوَّاءَ لحاجته إلى الأُنس، وغيرها من حاجات في البشر تكتمل بالأزواج وتُشبَع!

والسورة ملأى بالآيات والعلامات التي تحفَظ الناس مستقيمين على صراط العزيز الحميد، وتَصرِفهم عن الشُّبهات والضلالات، وانحرافات يلوح لهم الشيطان بها.

فكلما قال الرب “آية”، فلنعلمْ أن ها هنا نورًا يسطَع، يَحمي القلب من شُبهة، أو يَصرِفه عن ضلالةٍ، أو يزيد به اليقينُ، أو يحصُل به الإحسانُ الذي هو: “أن تعبُدَ الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك”.

هذا والله أعلمُ، وأقول قولي هذا، وأستغفرُ الله لي ولكُم.

__________________________

رابط الموضوع: https://cutt.ly/9DeFAxb

__________________________
بواسطة : أم عبدالرحمن الديب

في بيتك جميلة! 

نجد كثيرًا من الناس ينظُرُ إلى نساء الآخرين، ويُحدِّق البَصَر نحو الأجنبيات، ويتأمَّل زينتَهُنَّ، وربما يتخيَّل عوراتَهُنَّ!


وما ذاك إلا لأن هذا المسكين لم ينظُرْ إلى زوجته نظرةً رُوحيةً جماليةً، بل نظر إليها نظرةً ماديةً بحتة، نظر إليها أنها كُتْلةُ لحْمٍ مخلوطٍ بشَحْم وعَظْم وعصب! فرأى فيها النقص؛ فلجأ إلى إشباع غريزته للنظر في غير زوجته – التي ينظر إليها أنها باقة ورْدٍ مخلوط بريحان وزنبق وياسمين؛ ليملأ فراغَه الجسماني، وخياله العاطفي، وشهوته العارمة.


ويظُنُّ المسكينُ أنه بهذا النظر الآثم يُسعِد نفسه، ويُخفِّف مِن غُلوائه، وما درى اللاهثُ أنه بهذا الفعل المشين قد ارتكب المحرَّمات؛ بل قد زاد حَطَبًا في ناره ليُشعِلَ قلبَه اللاهي، ليرجع إلى زوجه المسكينة؛ لتزداد قُبْحًا في نظره! وعجبًا له، كيف له أن يُحِبَّ هذه الأجنبية من نظرة أو نظرات؟!


قال ابن حزم: “وإني لأُطيل العجب من كلِّ مَنْ يدَّعي أنه يُحِبُّ من نظرة واحدة، ولا أكادُ أُصَدِّقُه، ولا أجعل حُبَّه إلا ضَرْبًا من الشهوة”؛ (طوق الحمامة).
وإذا استمرَّ في غيِّه؛ لجأ إلى حَسَد أصدقائه والآخرين، وأن زوجاتهم جميلات؛ بل ربما لجأ للشكوى لبعضهم من قُبْحِ زوجته، وأنها لا تعتني بنفسها، وأنه لا يجد إقبالًا نحوها! ولعمري هو المضيِّع لها، والمفرِّط فيها، والنائي عنها، وكأنها من سَقَطِ المتاع، فلا يُعِيرها اهتمامًا، ولا يجلس معها، ولا يُبادلها كلامًا إلَّا لمامًا، وهو خِلْو من نظراته العاشقة، ولمساته الحانية، وكلماته الشادية، بل هي منه في شقاء وعذاب! ولكنها صابرة عليه، وعلى أولادها، فماذا بوُسْعِها أن تفعل؟


تقول: أصبِرُ، حتى يقضي اللهُ أمرًا كان مفعولًا، فلعلَّه يتغيَّر، ويعود إلى رُشْده، وهي خجِلة لم تستطع أن تُصارحَه بتغيُّره، أو ربما خائفة من تعسُّفِه وجبروته! وربما صارحتْه، فكان ماذا؟!
وقد يتجرَّأ فيسأل صديقه: هل تشعُر بهذا تجاه زوجتك؟ ليتلقَّى إجابة صارخة: لا، زوجتي أشعُر نحوها بالحنان، وكأننا في الجنان، والحمد للرحمن؛ فيلجأ صاحبُنا إلى تبكيت نفسه وإهانتها، والمواصلة في النظر الفاتن للأخريات، ولو كُنَّ محجَّبات أو مبرقعات أو مجلببات؛ لأنه يتخيلهُنَّ جميلات، وعليه بنى هيامه وغرامه! ولا يزداد إلا نارًا ولهيبًا، ولا يزال يئنُّ ويَزفِر، وربما مرِض واصفرَّ إذا سمِعَ أن فلانًا تزوَّج بنت فلان من الناس! فتراه يسأل من أقبل وأدْبَر عن زوجة هذا: كيف جمالها؟ وكيف قبيلتها؟ وهل هم ذوو يَسار ورياش؟ وهكذا يُلقي كمًّا هائلًا من أسئلة بلهاء لا تخصُّه بل تزيده ألَمًا وحسرةً وحَيْرةً!فيرجع إلى بيته وقد امتلأ قلبُه حَنَقًا وغيظًا تجاه صديقه، وكيف تزوَّج بهذه الجميلة؟وأنا لا أملِك ما يملِك! وهو في هذا يُعارض الله في حُكْمِه وحِكْمتِه ومَلَكُوتِه!ولو أنه رجع إلى بيته وجلس إلى زوجته، وأمعَن فيها النظر، وحَدَّق فيها البَصَر، وجال فيها بعقله، لرأى هذه الجميلة تفوق كثيرًا غيرها من الجميلات، والجمال نسبي من امرأة لأخرى، ومن حُسْن صُنْع الله، أن الله حبَّبَ كُلَّ امرأة في عين زوجِها، فيراها بارعةَ الجمال، قانعًا بها ومحظوظًا، ولا يتخيَّل أن هناك مَنْ هي أجمل من زوجته!وهذا هو جمال القلب والرُّوح، أما جمال العين المجرَّدة والهوى؛ فلا يقنعها جمال قطُّ!


لكن القانع العفيف الراضي ينظُر إلى زوجه وقد ملكت لُبَّه وقلبه، وإن لم يرها غيرُه كذلك إلَّا أنه يراها ملكة الجمال، وهذا لمن قَصَرَ بَصَرُه، وزمَّ خِطامَ نفسه، وكبَح جِماحَها، أمَّا من أتبع نفسه هواها، وأطلق لبصره العِنان؛ فلا والله لن تُشبِعَه نساءُ الدنيا!”وكلُّ محاسن المرأة هي خيالُ متخيِّلٍ، ولا حقيقةَ لشيء منها في الطبيعة؛ وإنما حقيقتها في العين الناظرة إليها؛ فلا تكونُ امرأةٌ فاتنةً إلَّا للمفتونِ بها ليس غيرُ، ولو رَدَّتِ الطبيعةُ على مَنْ يُشَبِّب – يتغزَّل – بامرأةٍ جميلةٍ، فيقول لها: هذه محاسِنُكِ، وهذه فِتْنَتُكِ، وهذا سِحْرُكِ، وهذا وهذا؛ لقالت له الطبيعة: بل هذه كُلُّها شهواتُكَ أنت، وبهذا يختلف الجمال عند فَقْد النَّظَر؛ فلا يَفتِن الأعمَى جمالُ الصُّورة، ولا سِحْرُ الشَّكْل، ولا فَراهةُ المنظر؛ وإنما يَفْتِنُه صوتُ المرأة ومَجَسَّتُها – لَمْسُها – ورائحتُها، فلا حقيقةَ في المرأة إلا المرأةُ نفسها؛ ولو أُخِذَتْ كُلُّ أنثى على حقيقتها هذه؛ لما  فَسَدَ رجلٌ، ولا  شَقِيتِ امرأةٌ، ولانْتَظَمَتْ حياةُ كلِّ زوجَيْنِ بأسبابها التي فيها”؛ (وحي القلم).
فلو أن كل الناس نظروا للمرأة على أنها امرأة متكاملة من جمال ودلال، وجميلِ خِلالٍ؛ لاستقامَت الحياة بين الذكر والأنثى وَفْق الشريعة؛ ولكن يُنظَر إلى جمالها فحسب، ولا شيء غيره، فإذا هَرِمَتْ هَرِمَ معه حُبُّها، وهكذا صار العِشْق للَّحْم والدَّمِ، والله المستعان.ومن لطف الله أن صاحبنا هذا فقير، فلو كان غنيًّا لعبث بنساء المسلمين بين زواج وطلاق إلى ما لا نهاية – كما سمِعنا عن البعض – لأنه لم يحْظَ بالجمال الذي رآه موزَّعًا بين نساء كثيرات!هذه طويلة، وتلك رشيقة، وثالثة دعجاء، ورابعة لعساء، وخامسة نعساء، وسادسة كذا وكذا، وهو يريد كل هذه الأوصاف في امرأته المسكينة التي تعيش جحيمًا من زوجها من قلة الإقبال عليها، والابتعاد عنها، وسوء معاملتها، وربما مصارحتها بأنها غير جميلة! فكم يكسِر هذا الجِلْف من قلب، وكم يبكي من عين، وكم يخرب من أسرة، فيا وَيْلَه من العظيم المتعال!هذه زفرة كتبتُها على علاتها، أرجو أن تُقابِلَ قلوبًا واعية، وآذانًا مُصغية.والله الموفق.

______________________________

بواسطة :وليد بن عبده الوصابي.
______________________________
رابط الموضوع: https://www.alukah.net/social/0/128642/%D9%81%D9%8A-%D8%A8%D9%8A%D8%AA%D9%83-%D8%AC%D9%85%D9%8A%D9%84%D8%A9/#ixzz7OO5hRraj

عتبة الدار 

جعل الله المرأة لزوجها لباسًا وسَكَنًا، فهي له كذلك بكل ما تحويه تلك الكلمات من معانٍ مليئةٍ بالود والحب، والاحتواء والإعانة والمُساندة، ويكتمل سعده بتوفيق الله له بزوجةٍ صالحةٍ تحفظه في نفسها وماله وولده؛ كما ورد في الحديث الشريف، والكلام كثير حول فضل المرأة الصالحة على غيرها مهما امتلكتْ غيرها من مقومات أخرى؛ لأن كل المقومات والأسباب تذهب إلا ما كان منها له جذرٌ وأساس، وليس كذلك إلا الطهْر والتقوى والصلاح، فهذه هي التي تُطوِّع كل ما تمتلكه في سبيل خدمة زوجها، وتحرِص كلَّ الحرص على توفير أسباب راحته وسعادته، وتعلم يقينًا أنه جنَّتها ونارها، فتُهيئ كلَّ شيء لإبقائه جنَّةً، وتُبعد وتبتعد عن كلِّ شيء يجعله نارًا.

بيْد أن مسألة الاستقامة والصلاح في المرأة قدْ لا يساعدها على بناء زوجها جنَّة، أو بالأحرى لا تساعد هي نفسها، ولا تستطيع تطويع ما لديها من ممكنات في سبيل ذلك الهدف، فيتحوَّل الزوج بطبع ردَّة الفعل الشعوري أو اللاشعوري إلى أن يكون نارًا، أو على الأقل يخرج إلى منطقة بين المنطقتين، إذْ يصل إلى مرحلة اليأس من تغيُّرها، أو الملل من تصرُّفها، وفي أحسن أحوال بعض الأزواج الذين يواجهون هذا؛ إما أن يرضوا بـ (الحاصل)، ويحاولون التعايش معه رغمًا عن أنوفهم، أو يبحثون عمَّا يبعدهم من منطقة الصراع أو الروتين، حتى تجدهم يفرُّون من البيت الذي من المُفترض أن يكون لهم روضة.

إن صلاحكِ يا حوَّاء سموٌ وجمالٌ وفرْض، ولكن إن لم تجتهدي في إسعاد زوجك، وفي تذليل صعابه بما تستطيعين، وفي مواكبتك الدائمة لكل ما يتطلَّع إليه في كل مجال، وعلى حسب ما تقدرين عليه؛ فإن صلاحك لن يؤتي ثماره في حياتكم الزوجية، وربما يتعدَّى الأمر إلى الحياة الأسرية كلها شاملةً الأولاد، فلماذا لا تنتبهين؟

دعونا نضرب مثالًا ليتَّضح المقال: امرأة صالحة، تُصلي وتصوم، وتقوم بما عليها من واجبات في حفظ زوجها وولده وماله، لكنها كثيرة الشكوى، تُولْول إذا حصل حاصل، وقد يستأهل أو لا يستأهل، وتئنُّ إذا وقع ضرر، وقد يُجبر بما لا يُذكَر، وتعرِّض بالحال، أو تردُّ بما لا يليق بها عن السؤال، وهكذا، فمثل هذه الأمور والتصرُّفات تجعل الزوج منها ينفر ومن البيت يفرُّ، ويُهَمُّ بدخول البيت قبل أن يصل، وإذا وصل لا يستقرُّ!

عزيزتي حوَّاء؛ من كمال العقل وحُسْن التبعُّل ألا تزعجي زوجك بكلِّ صغيرة وكبيرة، هل يمكن أن تفكِّري كيف تتحمَّلين معه جزءًا من مكابدة الحياة بدلًا من إضافة كبَد؟! هل يمكن أن تتركيه يسيِّر عمله بذهنٍ خالٍ من المنغصات ونفسية مفتوحةٍ بدلًا من أن تتصلي به وتضعي له كوْمًا من المُلابسات؟! هل يمكن أن تفكِّري كيف تسعدينه في بيته، وتجعلينه يشتاق إليك وإلى بيته بعد العمل، وكلَّما خرج بدلًا من أن تواجهيه أوَّل دخوله بطرح مشاكل الأولاد ومطالب البيت؟! وعلى هذا فَقِسْ، فإن أحسنتِ في ذلك فقد أضفتِ صَلاحًا إلى صلاح، وتوفيقًا إلى نجاح، وإن بقيتِ كما أنتِ عديمة، أو تحسَّنتِ أيَّامًا لتعودي حليمة؛ فاعلمي أنَّ لزوجك الحقَّ في تغيير العَتبة حتى تصلح الدار، والأمر في يدك أنتِ أوَّلًا قبل أن تندمي أو يفوتك القطار، وحتى تعلمي أهميَّة ذلك إلى هذه الدرجة اقرئي قصة سيدنا إبراهيم عليه السلام، وكيف أوصى ولده إسماعيل بتغيير عَتَبة داره، حتى أثْبَتَ له ما يستحق البقاء، ويقوم به البناء، ويليق بالوصية، ويصلح الله به الذرية.

____________________________
بواسطة :د/محمد علي السبأ

____________________________
رابط الموضوع:https://cutt.ly/aSEeYyg