ويحها! لو استطاعت ما فعلت

كان من تدبير عائشة وحفصة رضي الله عنهما ما دبّراه لأسماء بنت النعمان الكندية، لما جاء أبوها النعمان، وهو من سلالة ملوك كندة يعرض زواجها على الرسول صلى الله عليه وسلم قائلا: ألا أزوجك أجمل أيم في العرب؟! وقبل الرسول صلى الله عليه وسلم الزواج من ابنة النعمان، فزوجها له أبوها وبعث محمد مع النعمان من يأتي بأسماء من نجد، فلما جيء بها إلى المدينة أنزلت في بني ساعدة حتى تهيأ لزفافها على الرسول صلى الله عليه وسلم.

جاءت أسماء ورآها بعض نساء المدينة ،فرحن يذعن مارأين من حسنها وجمالها. وقالت عائشة لحفصة رضي الله عنهما : قد وضع يده في الغرائب يوشكن أن يصرفن وجهه عنا.

ولم تستطع عائشة رضي الله عنها إلا أن تصطحب حفصة وبعض نساء النبي صلى الله عليه وسلم فيذهبن ليرين هذه الوافده الغريبة الجميلة، التي أوشكت أن تصرف وجه زوجهن عنهن.

ولما رأت عائشة ومعها نساء النبي صلى الله عليه وسلم (أسماء الكندية) رأين ما ملأ قلوبهن وجدا وحسدا؛ فأقبلن عليها يزينّها ويجمّلنها ويقدمن لها نصيحتهن قائلات لها: إذا أردت أن تكوني ذات حظوة عند النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا دخل عليك فقولي: إني أعوذ بالله منك؛ فإن ذلك يسرّه ويعجبه.

وعملت أسماء بنصيحة نساء النبي صلى الله عليه وسلم، فلما دخل إليها محمد صلى الله عليه وسلم وأقبل عليها، ابتدرته قائلة: “أعوذ بالله منك!”، فوقف الرسول صلى الله عليه وسلم حيث هو، ثم استدار عنها وهو يقول: “عذت بمعاذ، عذت بمعاذ”، ثم خرج إلى رسوله الذي أتى فقال له: “متعها وردها إلى أهلها”.

وعادت أسماء إلى أهلها تقص عليهم نصيحة النساء، نساء الني صلى الله عليه وسلم التي خدعوها بها، وأرسل النعمان إلى محمد صلى الله عليه وسلم من يعرّفه بما كان من خديعة ابنته، وبما قال نساؤه لها، فقال محمد صلى الله عليه وسلم: “إنهن صواحب يوسف، وكيدهن عظيم)”.

وهكذا تخلصت عائشة بمصاحبة حفصة من منافسة كانت تعتقد أنها ستكون عليها وعلى سائر نساء النبي صلى الله عليه وسلم ذات خطر كبير.

وهكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يضرب صفحا عن غيرة عائشة الضارية، ويقول فيما كانت تأتي بسببها من أفعال مثيرة للدهشة، كان يعلق على ذلك قائلا: “ويحها! لو استطاعت ما فعلت”.

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.


*