هل نملك شيئا أن نزع الله الرحمة من قلوبهم

في مجتمع إسلامي ينتهج الشريعةَ الإسلامية – عقيدةً ومنهجًا – في نشاطاتِه وتَعامُلاته، وعَلاقاته وسلوكياته، وفي بيئة طاهرة تَحمل على أرضِها كلَّ معاني القيم والأخلاق النابعة، من روح الإسلام ونهجه – لا نستطيعُ أن نرسمَ صورةً أخرى للأسرة غير الصورة المعتادة للأسرة المسلمة، التي تربط أفرادها بالرباط الوَثيق من العَلاقات الوطيدة، مُحلاَّة بالقيَم الإسلامية النبيلة المعزَّزة بروح الودِّ والاحترام، والحبِّ والتسامُح والتسانُد, ونستبعد ما عداها من أيِّ صور أخرى للأسر المسلمة.

 

وللأب صورةٌ أجمل في ديننا الإسلامي الذي يَجعله مثَلاً أعلى لأفراد الأسرة كافَّة, وهو عمادها الذي تُبنَى عليه باقي أركانِ الأسرة, والنور الذي يُضيء لأبنائه دروبَ الخير والرَّشاد, مشاركًا في ذلك مع الأم التي لم يتركْها النهجُ الإسلامي أيضًا في نَحْتِه لأجمل وأروع الصِّفات، التي تتحلَّى بها الأمُّ المسلمة، التي يَخرج منها وعلى يديها أبرزُ وأعظم من حَفَلَ التاريخُ أمجادَهم، بحنانِها وعطفها، وتوجيهها ومساندتها لأبنائها.

 

وحينما نلقي الضوء على الأسرة المسلمة في هذا العصر، نَجِدُ صورةً مُضادة لصورة الأسرة كما وجدناها في الإسلام ونَهجه لأُسرةٍ مُسلمة آمنت بربِّها، وصدقت برسولِها، لكنها خالفتْ ذلك عملاً وسلوكًا, فأصبح الدينُ مُجرد ألفاظ تلفظ، وأعمال تبذل, بلا قلبٍ حَي، ولا نفس واعية, وبدأ العصر الحديثُ يَبُثُّ سُمومه في الأسرة المسلمة بتأثيراتِه وإفرازاتِه السلبية، التي أخرجت الفردَ من دائرةِ الإنسانية إلى دائرة الوحشيَّة, وجعلت قلبَ المؤمن خاليًا من الرَّأفة والرَّحمة، وتُتَرْجم ذلك جوارحُه بأفعال العُنف والإساءة لأقربِ الأقربين، وعلى أضعفِ الضَّعيفين في صُورٍ من الإيذاء والعُنف والإساءة، التي نُشاهدها ونَقرؤُها كلَّ يوم، فيعتصر لها القلبُ، وتَدْمي لها الأعينُ لأفعالٍ لا تَمُتُّ إلى الفرد المؤمن بصِلة.

 

فهل أضحى الدينُ الإسلاميُّ مُجَرَّدَ انتماء للفرد دون تطبيق لأوامره، وبُعدًا عن نواهيه، وتَجاهلاً لأصوله وفروعه, وابتعادًا عن أخلاقياته، التي نستوحيها من خُلُقِه – صلَّى الله عليه وسلَّم؟!

 

هذا التساؤل لو وجدنا له إجابةً، لتَمَكَّنا من الإقرارِ والرضا بهذه الصُّورة المشوهة للأسرة المسلمة، بدلاً من الوقوف بتأمُّل وذهول وتعجُّب لأوضاعٍ أُسَرية بعيدة عن توجيهات إيماننا وديننا الحنيف, وصَدَقَ – صلَّى الله عليه وسلَّم – حينما قال للأقرع بن حابس الذي لم يستطِعْ أن يراعيَ أبناءه، حتى لم يستطع تقبيلَهم: ((وهل أملك أن نزع الله الرحمةَ من قلبك))، ونقول كما قال حبيبنا وهادينا: ماذا نَملك لآباءٍ وأولياء نزع الله الرحمةَ من قلوبهم؟!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بواسطة : أشواق المانع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *