هل تشجعين أنانية زوجك دون أن تدري؟

 

الجميع يعرف أننا نتيجة اندماج كائن أنثوي وذكوري. لهذا؛ جميعنا -سواء رجل أو امرأة- يكون فينا جانب أنثوي وذكوري، يمثّل الجانب الأيمن من الجسم الجانب الذكوري لدى الرجال والنساء على حد سواء، والجانب الأيسر من الجسم يمثل الجانب الأنثوي. هنا، نحن نتحدث عن الخاصيات الذكورية والأنثوية التي يمتلكها كلّ منا، فماذا نقصد بذلك؟

يعكس جانبكم الأيمن من جسدكم علاقتكم بالجانب الذكوري الموجود بداخلك، وهو يتعلق بخصائص الذكورة؛ كالقدرة على العطاء وعلى السيطرة أو الحزم. إنه الجزء السلطوي الآمر والفكري من كيانكم، وهو الذي يتعامل مع العالم الخارجي، عالم العمل والمنافسة وحياتكم في المجتمع والسياسية والسلطة. كما يعكس علاقاتكم مع الرجال في حياتكم: الزوج، الوالد، الأخ، الأبناء، وعن النزاعات والمشاكل التي تشوب هذه العلاقات؛ ولهذا الرجل مبرمج من خالقه على العطاء وحل المشاكل والتنافس والقيادة.

أما الجانب الأيسر لدينا يعكس المسائل المتعلقة بالتعبير عن الأنوثة والشعور المرهف وسرعة التأثر والأمومة ورعاية الآخرين وبكيفية تقبل الآخرين والاستجابة لهم. لذا؛ تجد أن المرأة مبرمجة على حب الاستمتاع والاعتناء بذاتها، على القدرة على إعطاء الحب للآخرين، على القدرة على الشعور بالآخرين وتفهمهم وتقبلهم. كما يعكس الجانب الأيسر فينا علاقتنا مع الإناث: الأم، الأخت، الابنة، الزوجة، الحبيبة.

إذًا؛ كلّ منا لديه جانب أيسر يمثل خصائص الأنوثة وجانب أيمن يمثل خصائص الذكورة؛ لكن المشكلة أحيانًا تكون في عدم التوازن بين الجانبين، فينشط واحد دون الآخر. ولتعرفي ذلك اسألي نفسك السؤال التالي: أي خصائص من شخصيتك أكثر تطورًا: الأنثوية أم الذكورية؟

والتحدي الذي يواجه النساء والرجال هو الموازنة بين الطاقة الذكورية والطاقة الأنثوية المختلفين عن بعضهن البعض حتى نحقق التوازن بداخلنا. فمثلا، كيف تستطيع أن تكون المرأة حازمة باتة في نفس الوقت في عملها في قراراتها وفي حفظ حقوقها والدفاع عنها، لكنها تستطيع أن تأخذ وتستمتع بالأخذ وتمتع بأنوثتها في البيت وتعبر عن حاجتها للدعم والرعاي؛ فلا يغلب جانب دون الآخر!

 

 

لكن، كيف من الممكن أن ينمو جانب دون الآخر؟

هناك عوامل كثيرة ممكن أن تؤدي إلى ذلك؛ فمثلا إذا تربت البنت بين أولاد أو ارتبطت بأبيها واقتربت منه كثيرًا ممكن أن ينمو جانبها الذكوري أكثر، وأيضًا عندما ترى البنت أمًا لا تحترم أنوثتها ولا تقدرها حق قدرها فممكن أن ينشط الجانب الذكوري لديها، وأحيانًا عندما تكون المرأة وحيدة أو مطلقة أو أرملة وتحتاج أن تهتم بأمرها بنفسها يكون سببًا في ذلك.

وفي العلاقة الزوجيه أحيانًا تصبح المرأة أكثر ذكورية عندما تشعر أن الأنوثة لن تحقق لها الأمان، أو عندما تتزوج برجل جانبه الأنثوي هو النشط؛ فتصبح هي أكثر ذكورة!

كما إننا نحن النساء بحاجة إلى أن نوازن بين جانبنا الذكوري والأنثوي حتى نحقق التوازن في علاقتنا.ونتخلص من النزاعات التي تحدث بيننا بسبب ذلك. كيف؟

بم أن الجانب الذكوري يحدد علاقاتك بالذكور بحياتك، والجانب الأيسر يتعلق بعلاقاتك بالنساء بحياتك، وهذا ينطبق على الرجل؛ فلاحظي ماذا يحدث في العلاقات في حياتك أو حياة زوجك، واسألي نفسك: هل هناك نزاع في الطاقة الأنثوية أو الطاقة الذكورية في حياتكما أو في علاقاتكما؟ هل هناك توتر في علاقتك مع الرجال بحياتك (أولادك، زوجك، إخوانك، أبوك؛ حتى سائقك الخاص)؟ أم أن هناك توترًا في علاقاتك مع النساء (أمك، إخوتك، بناتك، زميلاتك؛ وحتى عاملتك المنزلية)؟

لكن، دعونا نبدأ من البداية: في العلاقة التقليدية يكون الرجل أكثر ذكورة وتكون المرأة أكثر أنوثة؛ هذا سر تجاذبهما وسر حدوث التوازن العاطفي بينهما، فالأقطاب المختلفة تتجاذب؛ فالرجل يعطي ويشعر بالاستحسان من أنثاه، ويتخذ القرارات ويبادر بالعلاقة؛ مما ينشط جانبه الذكوري لديه، والمرأة تأخذ وتشعر بالامتنان والسعادة على ماتحصل عليه، وتشعر بالدعم لرغباتها؛ إذًا العلاقة تبدأ بنشاط كبير في الجانب الذكوري عند الرجل والجانب الأنثوي لدى المرأة. لكن مع مرور الوقت، وإذا ماشعر الرجل برفض المرأة وانتقادها له قمعَ جانبه الذكوري؛ ومن ثم يصبح أكثر أنوثة. وإذا ما شعرت المرأة بشكل متكرر بأن زوجها لا يدعم جانبها الأنثوي فإنها تنغلق وتصبح أكثر ذكورية؛ وبالتالي تتلاشى الجاذبية بين الطرفين بسبب ضعف القطبية بين جنسيهما.

كما أن الملاحَظ في السنوات الأخيرة، وبسبب عمل المرأة وقيامها بمهام كانت من صميم عمل الرجل (مثل العمل خارج المنزل وكسب الرزق للعائلة وتحمل تكاليف الأسرة ودعمها، أصبح شائعًا -وبسبب ماذكر أن يعشن النساء علاقتهن الزوجية بانعكاس في الدور العاطفي- تكون المرأة في العلاقة الزوجية جانبها الذكوري أنشط من جانبها الطبيعي الأنثوي. عندما تكون كذلك، هي تلعب دور الذكر بدلًا من الأنثى في البيت والعلاقة؛ فتدفع الفواتير وتصلح وتشعر بأن يقع على عاتقها القيام بأداء كل شيء ورعاية كل فرد من حولها وتصبح دائمًا منهكة، وحتى في العلاقة الخاصة هي من يبادر في طلب الحب والعلاقة من الزوج دائمًا، وعندما تزداد ملاحقة المرأة للرجل فهذا يدفعه أكثر نحو جانبه الأنثوي، وبدلًا من أن يتحمل مسؤوليته المبادرة في العلاقة معها فإنه سينتظرها ويدعها تمضي في ملاحقته.

إن زيادة ذكورة المرأة تجعل الرجل يميل أكثر إلى جانبه الأنثوي , و بالمثل حينما يصبح الرجل أكثر أنوثة تميل المرأة إلى الذكورة . فإذا لم تكن المرأة على دراية بالمهارات التي تساعد الرجل على القيام بإشباع جانبها الأنثوي فسوف تزداد ذكورتها، وكلما زادت ذكورة المرأة يزداد الرجل أنوثة. وإذا ازداد الجانب الأنثوي نمواً لدى الرجل سوف يتوق للإشباع العاطفي من الجانب الذكوري لدى زوجته ويشعر بحاجة ماسة إليها كي ترعاه لذا سوف يغضب حينما تحجم عن الحديث معه أو تهمل العلاقة التي تربطهما فيشكو من عدم رعايتها واهتمامها به ويعكف على توجيه أسئلة لها كي يحثها على التحاور معه أكثر حيث يريد منها أن تصغي وتفهم أحاسيسه ومن ثم تظهر تعاطفها وتساعده بطرق مختلفة.

 

 

معتقدات خاطئة!

احفظي هذه القاعدة عن ظهر قلب: “عندما يتزوج رجل بامرأة جانبها الذكوري هو المسيطر أو النشط فإنه يشعر بذلك ويتحرك تلقائيًا صوب جانبه الأنثوي فينشط“.

نعم هذه القاعدة ثابتة، زيادة ذكورة المرأة تجعل الرجل يميل أكثر إلى جانبه الأنثوي؛ وبالمثل حينما يصبح الرجل أكثر أنوثة تميل المرأة إلى الذكورة.

فإذا كنتِ تعطين وتساعدين وتحلي مشاكل زوجك دون أن يطلب مساعدتك، وتفعلين كل شيء في بيتك، وكنت ممن تؤمن بالمعتقدات الخاطئة التي تقول إن مساعدة الرجل وخدمتة دون طلبه ستجعله يقدرك أكثر ويحبك فلا تستغربي إذا أصبح زوجك مع الوقت أكثر اتكالًا واعتمادًا عليك؛ بل يبيت يتوقع ذلك منك ويغضب إذا قصرتِ.

 

 

ثقي بنفسك وحققي ما تريدين

وما عليك أن تعرفيه وتفعليه لتضمني تحقيق التوازن العاطفي في العلاقة واستمرار التجاذب بينكما أن تعملي على دعم الجانب الأنثوي لديك وتعملي على دعم الجانب الذكوري لدى زوجك. فعندما يكون جانبك الأنثوي نشطًا فإن مفاهيمك تتغير وتكونين قادرة على الاستمتاع بأدق التفاصيل في حياتك وتعجبين بها، وربما تكون منتبهة على المشكلات التي تعاني منها؛ لكنها لا تشعر بضرورة إيجاد حلّ لها كي تشعر بالسعادة. وهذا الشيء ألاحظه كثيرًا يحدث في دورة “ثقي بنفسك وحققي ما تريدين”، عندما أساعد النساء من خلال التمارين المكثفة والعميقة على اكتشاف ذاتها ومشاعرها وأفكارها وأساعدها على الاتصال بجانبها الأنثوي فإن الكثيرات منهن تأتي في اليوم الثالث والرابع وهي سعيدة، مبتسمة، هادئة، متجملة، مهتمة بمظهرها؛ فيزول الغضب والحزن والتوتر من وجوههن وأجسادهن وطاقتهن.

فعلى الرغم من أننا لم نغير عالمهن الخارجي، ولم نحل مشاكلهن؛ إلا أن التغيير في طاقتها ومشاعرها وشكلها يتغير بطريقة جميلة وملفتة؛ لأنها تشعر فجأة بالرغبة في الاهتمام بنفسها.

فالمرأة يجب أن لا تبحث ولا تتوقع التقدير والاستحسان من الزوج (فهذا أشبعيه من صديقاتك)، ولو فعلتي ذلك ستشجعين جانبه الأنثوي من دون أن تدري؛ بل لا بد أن تبحثي عن الدعم المعنوي والحرص على إرضاء رغباتك وأن يستمع إليك ويتفهم مشاعرك فقط لا غير، وأن تدعيه يفعل لها أشياء كثيرة حتى لو كانت تستطيع هي فعلها لنفسها، وعندما يفعل ذلك أشبعيه تقديرًا واستحسانًا وسعادة، وهذا دورك مع زوجك أن تحرصي على إشباع الجانب الذكوري لديه وليس الأنثوي؛ من خلال إشباع الشعور بالاستحسان والثقة والقبول له ولمجهوداته حتى ينشط جانبه الذكوري.

فاهتمام المرأة السلبي بالرجل يشجع الاهتمام الإيجابي لديه. كيف اهتمام سلبي بالقول والشعور دون الفعل، واهتمام إيجابي يمثل بالفعل. وربما الآن تفهم القاعدة التي أرددها دائمًا في دوراتي: “بدلًا من أن تفكري كيف تسعدين زوجك (لأن هذا مبرمج فيه إلهيًا) فكري كيف أشعره أنه يستطيع أن يسعدني (إعطاؤه التقدير والاستحسان)” ما يتوق إليه بشدة من المرأة.

هذا المقال لا يفسر فقط ما يحدث في العلاقة الزوجية؛ بل يفسر لم بعض الرجال يكون مرهف الحس، مستمعًا جيدًا، متحدثًأ لبقًا، قادرًا على التعبير عن الحب شعوريًا ولفظيًا، ولم بعض النساء نجدها جافة جامدة عملية مباشرة وكأنها رجل في تفكيرها ومشاعرها وتصرفاتها؟ فهذا الجانب الأنثوي هو النشط لديه وهذا الجانب الذكوري نشط عندها!

بقلم: أ. نوره الصفيري