هل أنتَ مصدر سعادة زوجتك؟
بسم الله الرحمن الرحيم، عندما كتبت هذه الكلمات لم أكن متزوجًا حقيقة، ولم أتذوق سعادة الزواج أو مراراته؛ لكن فقهي في الحياة الزوجية كثير جدًا، ليس لإظهار التميّز؛ ولكني أسعى لأكون زوجا صالحا ومصدر سعادة لزوجتي ولأسرتي. فهل سألت نفسك: هل أنت مصدر سعادة لأسرتك أم إزعاج؟
إن هذا السؤال لم يسأله أحد لنفسه؛ ولهذا نرى تزعزع استقرار الكثير من المنازل هذه الأيام. وفي مقالي هذا بعض الفلسفة الخاصة استنتجتها من كثير نظر في حياة بعض الأسر وقرأت بعضًا من القصص وتفكرت فيها؛ ولعلي أبسّط لكم الحياة وأجعلها في نظر القارئ الكريم سهلة وبسيطة, ثم بعدها سنكون مصدر سعادة لأزواجنا وذرّياتنا, لقد كان أحد أصدقائي دائمًا يقول: أتمنى أن أكون مثل والدي, مللت من كثرة تكراره لهذه العبارة؛ فقلت لماذا لا أزوره وأتعرف على والده؛ لأجل أن أرى سبب التمني؟
قررت زيارته. لمّا رأيته كأني برجل غضوب الملامح، لم أحكم على المظهر؛ فربما كانت الأفعال مختلفة. لقد استقبلني وابتسم في وجهي وطلب من ولده -أي صاحبي- أن لا يسمح لي بالخروج حتى نتعشى, كان البيت مرتّبا والعلاقة بين الوالد وولده كعلاقة الصديق مع صديقه, أدركت أن صاحبي قد وجد سعادة كبيرة من أبيه ولولا هذه السعادة لما تمنى أن يكون مثل والده، وأخرى كانت تهتم بأولادها اهتماما شديدا تدرس معهم وتخدمهم وفي كل يوم تطلب منهم اختيار وجبة الطعام، كانت تعطي لآرائهم أهمية كبيرة حتى في اختيار الطعام والشراب؛ فأحبوها لأنها بالفعل أدخلت السعادة لقلوبهم. بينما كان بعض الأولاد إذا دخل والدهم إلى البيت كأنهم صم بكم وعمي، أو كأنهم موتى لا يضحكون ولا يسمعون؛ فأي رعب أدخل إلى قلوبهم؟
وكذلك في المدارس نرى المعلمين هكذا؛ فمثل هؤلاء لا يمكن أن يكونوا مصدر سعادة لنا أو لصغارنا. وقانوني الخاص في هذه الحياة أنني إذا لم أدخل السعادة في قلوب من حولي فلن أحظى بها أيضًا, وخير الناس خيرهم للناس، أما الذي يبث الرعب والشر في قلوب الناس فهو من شرّ الناس والعياذ بالله؛ وتجلّى هذا في موقف النبي صلى الله عليه وسلم ممن يرعب المسلمين كأن يصوب في وجهه السلاح ولو كان مازحًا أو يختبئ في مكان ويفاجئ أحد إخوانه فيرعبه؛ فهذا منهي عنه أيضًا. فإما أن تكونوا سعداء في زواجكم أو العكس؛ لكننا يمكن أن نكون سعداء في كلتي الحالتين, وهذا ليس خيالًا؛ إنما أتكلم عن تأمل طويل.
والسؤال: كم ستعيش؟ لست أحمق لأتكلم في غيبيات لا أعلمها؛ لكن كنت أعني أن حياتنا الزوجية على المتوسط من عمر 30 إلى عمر 55 بعدها تنهار القوى ولو عشنا ألف سنة لا تغنينا؛ فإذا حسبناها سيكون 25 سنة، لو أزلنا ساعات النوم ستكون على المتوسط ثلث هذا المقدار، ولهذا سيبقى لدينا 17 سنة تقريبيا، ولو أزلنا ساعات العمل -وهي مقاربة لساعات النوم- لبقي لدينا 9 سنوات تقريبيًا، وأوقات الاختلاط مع الناس ومع الأصدقاء والعبادة والأكل والشرب ربما لا يتبقى لدينا إلا ثلاث سنوات.
السنوات الثلاث فقط هي الزوجية والحياة الأسرية، ربما أكون مخطئًا في الحساب قليلًا؛ لكن لو حسبتموها بدقة ربما كان الفرق سنة واحدة في حسابي.
إن الكثير منا خلال هذه السنوات القليلة من الحياة الزوجية يحطّم حياته كلها؛ فلا يعرف النوم ولا يرى حلاوة للطعام ولا حتى في عبادته، لماذا القلق؟ إن أعظم أسباب الانقلابات في الحياة الزوجية وأكثر أسباب المشاكل هو “ضياع الفرص”، أو ربما أسميها “انعدام الفرص”.
الزوجة تحتاج إلى فرصة تعبّر عن شيء يجول في نفسها؛ لكن الزوج لا يريد أن يسمع ولا يريد أن يرى سعادة زوجته، وربما كان العكس صحيحًا؛ فكثير من الزوجات لا تعطي فرصًا لأزواجها.
إذًا؛ ضياع الفرص سبب من أسباب الفشل الأسري، وسأحكي لكم بعض المواقف:
-
بعض الغربيين والأجانب كما نسميهم يجعلون من أموال نهاية الخدمة أو ما قد وفّروه من مال خلال شبابهم في قضاء أوقات جميلة مع أزواجهم. لقد مررت في مدينة من المدن السياحية فوجدت أن أكثر السياح هم كبار السن مع أزواجهم, تركوا أولادهم في بلادهم وجاء كل واحد مع زوجته لقضاء إجازة رائعة خالية من متاعب الحياة. لقد سألت بعضهم وكان الجواب أن هذه الإجازة قد خطّطوا لها منذ زمن طويل؛ فوفّروا بعض المال لها؛ لأن الزوج أراد أن يدخل السعادة لزوجته وكذلك الزوجة؛ لذا أي زواج في نظري لا يدخل السرور للزوجين فلا فائدة منه!
-
وموقف آخر رأيته: كنت أتمشى في أحد الطرقات بعد أن انتهيت من إحدى الدورات، فرأيت رجلًا في الطريق يصرخ على زوجته وأمام الناس، ثم ضربها فسقطت على الحصى في وسط الطريق؛ فسألت بعض الناس فقالوا في كل يوم نرى مشهدًا جديدًا, لم يكن رحيمًا بها أبدًا؛ بل أكثر بؤسًا عانت منه هذه المرأة. عندما سألت بعض الجيران: لماذا لا تذهب إلى بيت أهلها؛ فهذا لا يطاق أبدًا؟ فأجابوني: أن أهلها لا يريدون أن تأتي إليهم, قلت في نفسي: هل ضاعت الرحمة من قلوب!
Leave a Reply