لقد ظل الشقاء يمتلك الحياة المنزلية، والمآسي العائلية تهدم في كيان البيت، حتى يتعلم الرجل حقيقة المرأة، ويصل إلى أعماق نفسها، وحتى أن الحب في الزواج فن يحتاج إلى مهارة ودقة ومقدرة، وهي عوامل قيمة يحصل بها على المرأة.
جاء في كتاب (فن الزواج) قول محمد عبدالعزيز الصدر: يجب أن يعرف النساء حالتهن الفسيولوجية (التشريحية)، قبل أن يدخلن معترك الزواج، ويجب أن يتعرفن دقة تكوين عضلاتهن وعملها، والمسؤوليات الواقعة على كل منها.
وسترى الأمل بعد، يحوط بالعالم وترقبه عين السعادة، والمستقبل مملوء بالرجاء إذا أصابت المرأة المهذبة شيئاً من هذا العلم، وكان منها أن قدّرت لهذا فائدة في رفع الحب وإعلاء شأن الأمومة، والعمل على ترقية الجنس البشري وتقدمه، وتحويل عقل النشء إلى الشؤون النوعية، وعلاقتها وتأثيراتها على الصحة.
ولنرى هذا النوع من الرغبة قد بدأ يحس به الناس، وقد دعت إليه ريون في كتابها (الولادة بغير ألم) إذ تقول: لقد تركنا والدونا في ظلام الجهل، فلم يرشدونا إلى الحقيقة الجميلة، وأعنى بها العلم بأجسامنا، ولقد كان نصيبنا علم مشوه تناولناه عن طريق المصادفة أو الأصحاب، حتى أنا لما عدنا نقارن هذا الجهل، بالعلم عن حقيقة الحياة، وجدناه هراء، ولم نجد له شبها ألبته.
وها النساء قد مزقن أغطية الجهل، ولم يعد يمتلكهن الخجل في البحث عن وظائف أجسامهن، وهن يطالبن بالعلم الصحيح الذي يتمكنّ به من درء الأخطار عن أنفسهن يوم يكن زوجات، ويوم يكن أمهات.
إن طبيعة الحب عند المرأة تختلف عنها عند الرجال، لأن عنصر الانتخاب في المرأة أقوى منه عند الرجال وإنما يتجلى عمل كل منهما في المظاهر التي يتقدم بها كل من الذكر والأنثى في عالم الحيوان، والخلاصة أنك تجد اختيار الأنثى دقيقاً جداً، وبه تحصل على الذكر الأليق.
والفتاة في حبها، تمرن عامل الاختيار: وفي داخلها صوت يهيب بها، وقد لا تخضع له، فتراها تحب ثم لا تخضع تحت تأثير حمى غرامها، وترى قلبها يلتهب بالعاطفة، ولكن غريزتها تقدر لها الصفات المطلوبة في إلفها.
فاختيارها في تخيلها لا يتفق ألبته مع الحقيقة، لأنه في أعماق نفسها غريزة هي صاحبة السلطان عليها، فإنها تتطلب رجلاً قوياً يحميها، ويحمى أطفالها، ومن أجل هذا تهمها القوة في الرجل، ويأخذ بلبها مظهره الجسمي وهذه هي دون غيرها التي يقدرها الاختيار في المرأة، وقد لاحظ هذا الكثيرون من الرجال، إذ رأوا أصحاب المظاهر الجميلة يفشلون في الحب، والرجال الذين يتحكمون في المرأة، ويتسلطون عليها إنما هم المشوهو الوجوه، القباح الصور، الأقوياء.
والجمال في الرجال، إنما يطرب إليه نفر قليل من النساء، وخصوصاً صاحبات الجمال المفرط، ولكن إذا بحثنا في موضوع الاختيار نجد أن الجمال في الرجال إنما يقل تأثيره على المرأة، أو يكون تأثيره ثانوياً في كثير من الحالات، وبذا نرى أن الحب في النساء يختلف الاختلاف كله، عن الحب في الرجال.
ولنرى المخادعة، المخانلة، تتحايل بحبها فتأسر رجلاً، قد يفتقر إلى الخلق الطيب، وهي في ذاتها سريعة في الحصول على ما تشتهي من الرجال، بينا المرأة الطيبة القلب، المصونة، تظل عمرها، قد لا تجد زوجاً.
ولقد كان من أمر الرجال، أن منحوا النساء جمالاً من عندهم، وأعطوهن صفات، وسكروا غراماً من أجلهن، وانساقوا يلصقون بهن كل صفة جميلة، وها نرى الأدب والفن وقد امتلاآ بأوصاف عن النساء وعن جمالهن، وكلها من اختراع الرجال، ومن وضعهم.
ومن جهتها لم تفكر المرأة يوماً في أن تحصر للرجال جمالاً، وأن تقر لهن ببعض الأوصاف الخلقية، وهن أنفسهن لا ينكرن ما لشكل الرجال من التأثير عليهن، بينا الكثيرات أيضاً يجمدن الجمود كله ولا يفكرن ألبته فيما للرجال من جمال.
وقد دلت تجاريب كثيرة، على أن همّ المرأة عند اختيارها زوجاً أن يكون قوياً، وقد كان لهذه النظرية كل الحظوة عند القدماء، وإنما قامت هذه الغريزة لفائدة الاجتماع نفسه، إذ الغرض الأسمى للزواج هو النسل، وفي قوة الرجال داعية إلى إصلاح هذا النسل، وإبقائه مفيداً للجماعة والعمران.
وإلى جانب هذا، فإن القوة الكامنة في الرجال تصلح من قوامهم، وتحسن بطبيعتها من وجوههم، فالغرض الأسمى من هذا النوع، بقاء الأنسب.
___________________
بواسطة :
الدكتور زيد بن محمد العرماني
___________________
رابط الموضوع: https://www.alukah.net/culture/0/49833/
Leave a Reply