ماذا ينتظر المرأة؟!

سؤال كبير قد نظن أنَّ الإجابة عليه سهلة، نظراً لما نسمعه كثيراً ونقرؤه كثيراً حول المرأة في كل بلد وعبر كل وسيلة إعلامية، غير أنَّ الأمر ليس بالشيء اليسير الذي قد نتصوره، بل إنه من أكثر الموضوعات تعقيداً في نظري.

نحتاج بالتأكيد في التعامل مع سؤال: “ماذا ينتظر المرأة خلال الخمس سنوات القادمة؟” إلى كثير من البحث والوقت والجهد. ومهما بلغت جهود الأفراد فلن تبلغ الدقة في التحليل والدراسة، حيث سعة القضية وتشعبها وعمقها، ولذا فإنَّ وجود مركز لدراسات المرأة أصبح ضرورة ملحة لوضع الرؤى الصحيحة وإجراء الأبحاث العلمية؛ حتى تخرج الحلول وفقاً لمعطيات واحتياجات حقيقية. لقد مضى عهد العمل دون خطط، وولى زمن إنشاء المشروعات دون أهداف واضحة يمكن قياس نجاحاتها، ولم تعد الأساليب القديمة في الأعمال الدعوية صالحة في هذا الوقت الذي تغيَّرت فيه القناعات وتعددت فيه مصادر التلقي لدى شريحة عريضة من الشباب والشابات.

ينتظر المرأة الكثير في حياتها وعلاقاتها؛ حيث نتوقع تغييراً جذرياً في النظرة إلى التربية والاقتصاد والثقافة بفعل النشاط الدؤوب من قبل منظمات عالمية لها إمكانيات ضخمة، بدأت منذ زمن وتوجت بمشروع “كولن بول” الشهير للشرق الأوسط الذي تتولى “اليزابيث تشيني” (ابنة ديك تشيني نائب الرئيس الأمريكي) الإشراف على تنفيذه حالياً، ومعلوم وضعها الأخلاقي!

هل يعقل أن تقود مثل هذه المرأة مشروعاً إصلاحياً؟! وهل يمكن أن نقبل نحن النساء المسلمات ونسمح لفئة منخدعة ومنبهرة بالنموذج الغربي أن تزين لنا وتروج بضاعة العدو؟! أي سذاجة نعيشها إذا ارتضينا ما تطرحه بعض الكاتبات اللاتي تغذين على الأفلام الأمريكية وتشربن الثقافة الإنجليزية وانبهرن بالزخرف الغربي، واللاتي ينظرن إلى هؤلاء بعين الإجلال، ويعشن حالة من الهزيمة النفسية، ويقلن ويعملن في السر ما لا يمكن المجاهرة به، ويساعدن الأعداء بكل وسيلة؟!

قد تقولين: إنكم ترضون بالوضع النسائي الذي نعيشه وتحاربون التغيير لأجل التغيير.

وأقول لك: لو كنا راضين بالواقع لما رأيت هذه النشاطات الطيبة التي تدعو الناس إلي الرجوع إلى الله، ونطالبهم بتغيير أوضاعهم لتوافق شرع الله، ولما سمعت كلمة واحدة تدعو الأمهات إلى انتهاج أساليب جديدة في التوجيه، وتحث على القراءة في كتب التربية؛ حتى يكتمل فهم مراحل المراهقة ومن ثم التعامل الصحيح معها. ولما قرأت مقالة واحدة تنتقد الواقع المهين والعيش الذليل الذي تعيشه الأمة الإسلامية اليوم.

المسألة ليست حرباً على التغيير، لكنها ـ بشكل دقيق ـ ثورة على التقليد الأعمى، وسدٌّ أمام التغلغل الأجنبي، وترسٌّ تنكسر عليه سهام التبعية والخنوع.

إن مشروعنا الإصلاحي نشأ وترعرع في أرض إسلامية، وأهدافه واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار، ولم توضع بنوده وترسم أهدافه في السر وبالمكر الكبار! فهل بعد هذا نقبل من هؤلاء الأعداء إصلاحاً لأوضاعنا؟! وهل نجعل من السارق أميناً على خزائننا؟! إنه ـ والله ـ الخسران المبين.

إننا نريد مشروعات إصلاح حقيقية ترفع الظلم الواقع على المرأة نتيجة عادات جاهلية وتقاليد ما أنزل الله بها من سلطان، نريد إصلاحاً يحارب هذا الفساد العريض الذي تبثه القنوات الفضائية، ونريد حواراً جاداً لهؤلاء الذي يشْرَقون بالتدين، وينبهرون بأنماط الحياة الغربية. كل هذا مع ثبات كالجبال على الدين، وحرص كبير على مواكبة المتغيرات، وتطوير أدوات الدعوة بما يتلاءم مع تغير الزمان.

لقد انكشفت المشروعات التي يراد تنفيذها في المنطقة، ولم يعد خافياً ما يخطط للمرأة في بلادنا، ولم يبق إلا الاستعانة بالله، والتفكير جدياً في كيفية تحصين بناتنا وتغذيتهن إيمانياً وفكرياً؛ ليواجهن الغزو القادم من كل جهة. والأمة بخير، والتفاؤل حادينا، والخير كثير بحمد الله.

المصدر

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.


*