البيوت كالمصابيح، إذا تعاهدناها بالرعاية والاهتمام ازداد نورها، وإذا حدث أي خلل فيها ذهب ضوؤها شيئًا فشيئًا حتى تخبو، فإذا شعر الزوج بالراحة والاطمئنان في بيته ساعد في تعاهده، والزوجة إذا شعرت من زوجها العطاء والرعاية والحماية قدمت ما تستطيع..
لكن لكل من الزوج والزوجة لا محالة حالات نقص ومواقف خطأ، فالزوجة مهما قدمت وبذلت في سبيل إسعاد الزوج وإنارة البيت فلا بد أن تقع في بعض الأمور التي لا يحبها زوجها، ومن هنا يحدث الخلل، والزوج قد يرى من زوجته كثيرًا من الأمور الإيجابية، لكنه أيضًا يرى منها بعض السلبيات، فلنحاول ها هنا أن نقف عند بعض مما يحب الرجل وما يكره من زوجته عادة لدى الرجال الأسوياء، في محاولة لسد غرة الخلل في البيوت المؤمنة:
- لا يحب الزوج الزوجة العبوس، الكئيبة، بل يحب الزوجة الودود البشوش، صاحبة الابتسامة والوجه المشرق، فكم من جهد يلاقيه الزوج في عمله وكده وكم من وجوه عبوسة يلقاها من الناس في اثناء ساعات يومه، ثم هو يعود إلى بيته منتظرا وجها باشا وبسمة حانية، فماذا لو وجد الكآبة والعبوس والنكد ينتظرونه؟!
- لا يحب الزوج الزوجة المتمردة العاصية، بل يحب المطيعة التي تسعد بتلبية احتياجاته، وتعينه فيما وكلها إليه من مسئوليات، وفيما هو منوط بها من أعمال، وليس في ذلك تقليل من حقها فلكل منهما مسئولية وجهد مطلوب، والحياة مشاركة منهما، واللين مع الزوج يقربه أكثر ويحببه أكثر في زوجته، والعصيان والتأبي والشخصنة والتفرد يقللان المودة دائمًا.
- لا يحب الزوج الزوجة غير الصادقة، فبعض الزوجات عندما تقع في بعض المواقف تستهين بالكذب لتنقذ نفسها، وربما قالت مقولة الجاهلين: “هذه كذبه بيضاء”، فلا أدري كيف يتلون الكذب ليخرج عن دائرته، لكن الصدق والشفافية بين الزوجين هما عماد قوام البيت، وأصل بناء الثقة، ولكم رأينا من بيوت تهدمت برغم غناها وإمكاناتها المتاحة لانهيار جدار الثقة بين طرفيها، وكم رأينا من بيوت قامت سعادتها على جدار الثقة وتخطت به أمواج الحياة العاتية.
- الزوج لا يحب الزوجة كثيرة الشكوى، والشكوى إما أن تكون شكوي مادية، أو شكوي خاصة بالأولاد، أو شكوي صحية، فكثيرة الشكوى امرأة ضعيفة مدللة لا تستطيع أن تتحمل مسئولية، ولا يأمن زوجها عليها تقلبات الأيام، ولست أعني من ذلك كتمان الألم، ولكن الوسطية هي أفضل الأشياء، ولا مانع أن تعبر الزوجة عن شكواها في أوقات متباعدة، وبأسلوب ليس فيه تململ ولا انتقاص من حق زوجها ولا يأس مما عند الله سبحانه.
- الزوج لا يحب الزوجة الصخّابة، عالية الصوت أثناء الحديث معه أو كثيرة الصراخ مع الأولاد، أو كثيرة الشجار مع جيرانها وأهل بيتها، بل يريد الزوجة الهادئة صاحبة الصوت الهادىء، فصوت المرأة المرتفع في البيت ينبت التوتر ويتعلم منه الأولاد التجرؤ على الكبير، ويعلن عن امرأة قليلة الحكمة في بيتها ضعيفة التأثير.
- لا يحب الزوج المرأة المتكبرة المستعلية بغناها المادي عنه، أو بحسبها ونسبها، أو بوضعها العلمي والثقافي، فالزوجة مهما وصلت إلى أعلى المناصب فهي أولا وأخرًا لا بد أن تعلم أن هناك للبيت قوامة هي قوامة الزوج الذي ارتضته راعيًا لها وقائمًا على شأنها وحاميا لها، ولتعلم أنها كلما تواضعت وأنشأت التقدير والاحترام لزوجها كلما وضعت لبنة قوية في بناء بيتها وأسرتها، إن كثيرًا من الزوجات تظنن أنها بمالها يمكنها الاستغناء عن زوجها، وتراها تهدده كلما غضبت منه أن تستغني عنه، ولا تعلم تلك المسكينة قليلة الفهم أن الغنى لا ينشىء سعادة، وأن سعادة المرأة وغناها في طاعة ربها وبناء أسرتها وتنشئة أبنائها، وأن مالها الحقيقي هو ما تدخره للآخرة، وأن ثروتها الحقيقية هي أولادها إن أحسنت تربيتهم، وزوجها إن أحسنت عشرته، وكم سمعنا من صرخات المطلقات كثيرات المال بينا هن يبحثن عن الأمان والسعادة بعد فراق بيتها ولا تجد..!
- لا يحب الزوج الزوجة المعاندة المتسلطة صلبة الرأس، المتمسكة برأيها دون النظر لرأيه أو لآراء من حولها، التي ربما تنسى أنوثتها وترتدي أمام زوجها رداء الشدة والغلظة، آمرة ناهية في أمور البيت، فلا يرى زوجته أمامه إلا كمشرف عمال أو كمدير مؤسسة..! فالزوج يحب أن يشعر في بيته بقوامته، تلك القوامة التي خصه الله بها في كتابه عندما قال: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} [النساء:34]، لذلك يحب الزوج من زوجته أن ينال منها السلوكيات العملية، فهو رب البيت ولا بد من استشارته في الأمور التي ترغب في أدائها، ولا بأس من بيان رؤيتها بأسلوب حسن وبسعة صدر.
- لا يحب الزوج الزوجة التي تنسى نفسها في ظل خدمة أبنائها، بل وتنساه هو أيضًا فتراها دائمة طلب الحقوق المالية والنفسية والعائلية، بينما هي تنسى أن تقوم بواجباتها!
- لا يحب الزوج من زوجته الاهتمام بأهلها وزيارتهم وتفقد أحوالهم ومساعدتهم دون أهله، فكل زوج يحب أن تكسب زوجته حب والديه وأسرته وأهله، لذا على الزوجة السعي للوصول لبناء علاقة المحبة الوطيدة مع والديه وأخواته من النساء، مع حسن ضيافة ورعاية لهم وحسن حديث عنهم، بل وتساعد زوجها على قدر المستطاع بألا يهمل أهله في وسط دوامة الحياة ومشاكل الأبناء.
- لا يحب الزوج من زوجته اهمال بيتها وأولادها، بل يحب منها أن تعطي بيتها وأولادها حق الرعاية والاهتمام، ولا أقصد بالاهتمام تقديم الطعام والشراب والملبس فقط، بل هناك ماهو أهم من ذلك كالاهتمام بتربيتهم التربية الإيمانية والأخلاقية، فأحسن لحظات السعادة للزوج عندما يخرج من بيته ويلتقي المعلمين أو المربين لأبنائه فيجد منهم كلمات الشكر والثناء على خلق أولاده وتربيتهم، فيشعر بجهد زوجته ونجاحها.
- لا يحب الزوج الزوجة كثيرة الخروج (الخرّاجة الولّاجة)، المرتبطة بالخارج أكثر من ارتباطها بالبيت، فهي لا يهدأ لها بال يوميًا إلا إذا خرجت، وهي في الأسواق وجه مستديم، ترى بيتها سجنًا وتسعى للخروج منه بقدر استطاعتها، بل قد قال الله سبحانه ناصحًا أمهات المؤمنين رضي الله عنهن والمؤمنات من بعدهن: {..وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ..} [الأحزاب:33].
- لا يحب الزوج الزوجة كثيرة القيل والقال، الساقطة في غيبة الناس، الواقعة في أعراضهم، الباحثة عن سقطاتهم وعوراتهم، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله كره لكم قيل وقال» (ضعفه ابن معين وأبو داود والنسائي، وذكره ابن حبان في الثقات)، فهذا النوع من النساء يتسبب في المشكلات، وينشىء النزاعات بين البيوت، وعادة ما تكون تلك المرأة مكروهة ممن حولها، حاملة للمشاعر السلبية للمحيطين بها، فلا يقر لاسرتها قرار ولا يهنأ لهم عيش.
- لا يحب الزوج الزوجة التي لا تقدره، ولا تقدر تعبه وجهده وعمله، وتستهين بما يقدم لبيته، وترى أنها هي التي تقوم بكل شيء وتنظر إليه نظرة قليلة، لكنه يحب كلمة جزاك الله خيرًا مهما كان الشيء الذي قدمه قليلاً، وفي الحديث: «من لا يشكر الناس لا يشكر الله » (حسنه الألباني في صحيح الجامع:3014).
- لا يحب الزوج الزوجة الغيورة شديدة الغيرة، التي تحاسبه على الصغيرة والكبيرة، وعلى الخطأ والسهو، وتكدر عليه عيشه، سواء في البيت أو في الخارج، بل يحب الزوجة التي تثق بنفسها وتثق به، وتُعْلمه بثقتها به، وإذا غلبتها غيرتها أن تنصحه بحسن حديث، وتنبهه برفق وذوق، مع اهتمامها بنفسها ورعايتها لحالها بما يقربه لها ويقلل من نظره للخارج، وبالعموم، فعلى الزوجة أن تسعى سعيها الجاد الإيجابي لتنال محبه زوجها، فلا تنسى حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «ألا أخبرك بخير ما يكنز المرء، المرأة الصالحة، التي إذا نظر إليها سرته، وإذا أمرها أطاعته، وإذا غاب عنها حفظته» (صحيح على شرط مسلم في الصحيح المسند:581).
ولا بد أن تنتبه الزوجة لنفسها وأخلاقها وعاداتها ولا تغفل عن ذلك، وتتفقد ما لديها من خصال وما ينقصها لتصل إلى محبة زوجها لها، وعليها أن تعلم أن ما يزيدها جمالاً هو دينها وخلقها الذي أمرنا به ديننا العظيم، ولا بد من وصالها بربها فإن رضا الله عليها يجعل كل حياتها سعيدة.
Leave a Reply