كثيرٌ من الأزواج يشعرون أنهم كانوا في عزوبتهم أسعدَ حالاً منهم بعد زواجهم، فضلاً عن أن كثيراً من حالات الزواج قد تبوء بالفشل، وذلك للأخطاء التي يرتكبها الزوجان قبل وبعد الزواج، كما أن الزيادةَ النامية في نسب الطلاق – ناهيك عن الخيانات الزوجية – لَتَدُلُّ بوضوحٍ على تعاظم هذه المشكلة، وحاجتِنا جميعاً – رجالاً ونساء – إلى أسس واضحة يقوم عليها بناء الحياة الزوجية .
• لا تتزوجِ امرأةً ترى أنها تُسدي إليك معروفاً بزواجها بك، واعلمْ أنك إذا فعلتَ ذلك فسوف تتحولُ حياتُكما الزوجيةُ إلى نَكَدٍ دائمٍ، وتَعْسٍ مستمرٍ. فإما أن ترضخ لزوجتك باعتبارها صاحبةَ المعروف والشريكَ الأعلى، وبذلك تفقد قِوامتك وإحساسك بالأهمية، وإما أن تطالب بحقك في القِوامة والرِّيادة والمسؤولية، وعند ذلك لن تخضع لك شريكتُك؛ لأنها ستنظر إليك – على الدوام – نظرة الشريك الأدنى، ففي كلا الحالين سوف تنشأ المشكلات، والسلامةُ ألاَّ تُقْدِمَ على مثل هذا الزواج .
• جميلٌ أن نتغابى لنكسب من نحب، وجميلٌ أن نوهم مَن أمامَنا أنه أكثر حكمةً ودِرايةً ومعرفةً. فلا يخلو شخص من نقص، ومن المستحيل على أي من الزوجين أن يجدَ كلَّ ما يريدُه في الطرف الآخر كاملاً، ولهذا على كلِّ واحد منهما تقبُّل الطرف الآخر، والتغاضي عما لا يعجبُه فيه من صفاتٍ أو طبائعَ، وكما قال الإمامُ أحمدُ بن حنبل: “تسعةُ أعشارِ حُسْنِ الخُلُقِ في التغافل!” وهو تكلُّفُ الغفلةِ مَعَ العلمِ والإدراك لما يُتَغَافَلُ عنه؛ تكرُّماً وترفعاً عن سفاسف الأمور. وقيل أيضاً: “ما استقصى كريمٌ قطُّ!”، وقيل: “كثرةُ العِتابِ تفرِّق الأحبابَ”.
• لابد للزوجين من قضاء وقت طويل معاً، مع شيء من اللعب والمزاح، فالعِشرة من شأنها أن تولِّد الحبَّ.
• الابتسامة لها مفعولُ السحر في رفيق الحياة؛ فمن يضحكْ أكثر يستمتعْ أكثر بعلاقته الزوجية، ومن لا يضحكْ تصبحْ حياته فقيرةً مملةً… إن الابتسامة بهجةُ الحياة الزوجية، ترفع عن كاهل الزوجين أعباء الحياة القاسية، وهي نعمةٌ سماوية، ومفتاحٌ للسعادة الزوجية في حد ذاتها.
• العُشُّ الزوجي هو المكان الذي يدخل فيه رجلٌ وامرأةٌ بمزاجين مختلفين، ومن بيئتين متفاوتتين، ويحمل كل منهما – في ذاته – فكراً وفهماً يختلف عن الآخر، ولا يكون عُشُّهما ذهبياً حتى يملأَه كلٌّ منهما بالإحساسِّ الذهبي بوجود الآخر، والاحترام الذهبي للآخر، ويفقد العش الزوجي صفته الذهبية عندما يفكرُ كل من الزوجين بنفسه، وبسعادته دون الآخر، ويتوقعُ أن يأخذ من الآخر أكبر قدر من التنازلات. عندئذ؛ لا يتبادل الشريكان رسائلَ الحبِّ والتقدير، بل رسائل الأنانية، والانكباب على الذات، واستغلال الآخر، وبالطبع فلن تُستقبَل هذه الرسائل بودٍّ واحترام؛ لأنها لا تحمل أية معان جميلة للآخر.
• ليس من حُسنِ العِشرة أن يُكلِّف الزوجُ امرأتَه شططاً، وينهكَها – في أخذِ حقوقَه – تعباً؛ بل عليه أن يسلك هَدْياً قاصداً، ويتغاضى عن بعض حقوقه، فيقتصرَ على المهم منها، إحساناً للعشرة، وتخفيفاً على الزوجة. وكذا حال المرأة مع زوجها؛ لتستديمَ محبتَه، وتكسبَ ثقتَه ومودتَه.
• من أكبر الأخطاء التي يقع فيها البعض: أن يعامِلَ الرجلُ المرأةَ على أنها رجلٌ مثله! فالمرأة لا تأخذ الأمورَ كما يأخذها الرجل، فهو يهتم بأساسيات المشكلة، لكن المرأة تهتم بالتفاصيل، وتعطيها أهمية أكبر من لب الموضوع..
• المرأة لا تريد التعامل بالمنطق دائماً، ولا تريد أن تحاسَب بدقة على كل كلمة تتفوه بها، بل تريد أن يتغاضى الرجل عن تقلبات مزاجها، وألا يغضب من دلالها عليه، ومن بعض طلباتها غير المهمة بالنسبة له.
• ليست الزوجة فقط هي المسؤولة عن الجفاف العاطفي بين الزوجين؛ فالمرأة كثيراً ما تتعرض إلى ما يؤدي بها إلى تعكر المزاج، والقلق، والتوتر؛ كتربية الأطفال، والطَّمْثِ، وزيادةِ أو نقصِ (الهرمونات)، وعلى الزوج أن يدرك ذلك. وهو أيضاً مسؤولٌ عن هذا الجفاف العاطفي؛ عندما يصيبه الفشلُ في عملِه، فينعكس ذلك على علاقته بزوجته وأبنائه، فيحصل الشجار والمشاكل..
• على كل من الزوجين أن يتفهم غَيْرَةَ الآخر، خاصة إذا كانت في الحدود المعقولة، على ألا تصل الغيرةُ إلى الشكِّ ومحاصرة الشريك.
• لتتشاركا – أيها الزوجان – في الرأي والمشورة… وذلك لا يعني أبداً أنكَ – عزيزي الزوج – ستتنازل عن رجولتك لأنك صاحب القرار؛ بل على العكس تماماً، فالزوجة عندما تسمعك تقول لها: “تعالي يا عزيزتي! أريدُ رأيَك في شيء مهم!”؛ يكون لذلك أثرٌ قويٌّ في نفسها؛ لأن ذلك يعني أن لها مكانةً عاليةً لديك، وهذا هو ما تريده الزوجة، ولعل في موقف الرسولِ – صلى الله عليه وسلم – وأمِّ المؤمنين أمِّ سلمةَ – رضي الله عنها – في صلح الحديبية أكبرَ دليل؛ فقد تأثَّرَ الصحابةُ من بعض ما جاء في الصلحِ، واحتار الرسولُ – صلى الله عليه وسلم – في كيفية إزالة هذا الأثرِ عنهم، وحثِّهم على الحَلْقِ، والعودة إلى المدينة، فسأل السيدةَ أمَّ المؤمنين، فاقترحت أن يَخْرُجَ أمامَ الناس، ويحلِقَ هو أمامَهم، فإذا رأوه – وهو قدوتُهم – فَعلوا مثلَه وانتهى الأمر، وهذا ما كان فعلاً… فإذا كان رسولُ الهدى – عليه الصلاة والسلام – يستشيرُ زوجتَه في قرارٍ سياسيٍّ بالغِ الأهمية؛ فهل يمتنعُ بعضنا عن مشاورة زوجتِه في أمورٍ أقل من ذلك بكثير؟!!
• على كلٍّ من الزوجين أن يراعيَ محبةَ صاحبِه لوالديه وأقاربه، وألا يذكرَ أحداً منهم بسوء، فإن ذلك يُوغِر الصدورَ، ويَجلبُ النُّفْرَةَ بين الزوجين، وكم من زوجٍ تحدَّثَ أمامَ حليلتِه بمثالبِ أبيها وسقطاته – وهو مَن هو في جلالةِ قدْرِه عندَها – فأحدثَ ذلك في قلبها ألماً أطفأ شمعةَ السعادةِ المضيئةَ في حياتها مع زوجها، وأشدُّ من ذلك الحديثُ عن أمِّها! وإذا قيل هذا للزوجِ، وله القِوامة؛ فما بالك بحديث الزوجة عن والدي زوجها بسوء؟!!
ولسنا نُلزِم أحداً منهما بمحبةِ أقاربِ الآخرِ، فالقلوب بيد الرحمن- سبحانه – يُصَرِّفُها كيف يشاء؛ ولكنَّا نطالبُه بأن يحفظَ لصاحبه مشاعرَه، وكرامتَه وعرضَه. وأقاربُ كلٍّ من الزوجين يجب احترامُهم وتقديرهم وعدم الإساءة إليهم. أما عن علاقة الزوجين بالجيران؛ فتختلف باختلاف الجيران، فينبغي عليهما تحديدُ إطارٍ – سلفاً – لعلاقتهما بهم.
• مراعاة الاستمرارِ، والنفَسِ الطويل في العطاء، حتى وإن كان الطرف الآخر لا يبادل العطاءَ نفسه، وهنا نعود إلى قاعدة “الإخلاص والتجارة مع الله”، وهذه مجاهدةٌ يجيدُها مَن لديه إصرارٌ على نجاحه في بناءِ أسرتِه وعلاقتِه بشريكه… إن الحياة الزوجية – بمعناها الحقيقي – حياةُ عطاءٍ، فهي حياة قِوامُها واجباتٌ على كلٍّ من الزوجين يؤدِّيها قبل أن يطالِبَ بحقوقه. ومن هنا كان لِزاماً على كل من الزوجين أن يتنازل – طوعاً – عن كلِّ ما كان ينعَمُ به، من حريةٍ شخصيةٍ، واستقلالٍ قبل الزواج، وأن يضحيَ – عن طيبِ خاطرٍ – في سبيل سعادة الآخر، وأن تكون التضحيةُ شعارَ الحياةِ الزوجية المشتركة؛ فلا يشعر أحد الزوجين أنه يضحي؛ في حين يضنُّ الآخرُ بالتضحية. ومن لم يكن لديه القدرةُ على التضحية؛ فعليه أن يتنحَّى ناحيةً من الجبل، وينعزلَ عن الناس، وألا يطرقَ بابَ الزواج!!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بواسطة : منى السعيد الشريف
Leave a Reply