جعل الله المرأة لزوجها لباسًا وسَكَنًا، فهي له كذلك بكل ما تحويه تلك الكلمات من معانٍ مليئةٍ بالود والحب، والاحتواء والإعانة والمُساندة، ويكتمل سعده بتوفيق الله له بزوجةٍ صالحةٍ تحفظه في نفسها وماله وولده؛ كما ورد في الحديث الشريف، والكلام كثير حول فضل المرأة الصالحة على غيرها مهما امتلكتْ غيرها من مقومات أخرى؛ لأن كل المقومات والأسباب تذهب إلا ما كان منها له جذرٌ وأساس، وليس كذلك إلا الطهْر والتقوى والصلاح، فهذه هي التي تُطوِّع كل ما تمتلكه في سبيل خدمة زوجها، وتحرِص كلَّ الحرص على توفير أسباب راحته وسعادته، وتعلم يقينًا أنه جنَّتها ونارها، فتُهيئ كلَّ شيء لإبقائه جنَّةً، وتُبعد وتبتعد عن كلِّ شيء يجعله نارًا.
بيْد أن مسألة الاستقامة والصلاح في المرأة قدْ لا يساعدها على بناء زوجها جنَّة، أو بالأحرى لا تساعد هي نفسها، ولا تستطيع تطويع ما لديها من ممكنات في سبيل ذلك الهدف، فيتحوَّل الزوج بطبع ردَّة الفعل الشعوري أو اللاشعوري إلى أن يكون نارًا، أو على الأقل يخرج إلى منطقة بين المنطقتين، إذْ يصل إلى مرحلة اليأس من تغيُّرها، أو الملل من تصرُّفها، وفي أحسن أحوال بعض الأزواج الذين يواجهون هذا؛ إما أن يرضوا بـ (الحاصل)، ويحاولون التعايش معه رغمًا عن أنوفهم، أو يبحثون عمَّا يبعدهم من منطقة الصراع أو الروتين، حتى تجدهم يفرُّون من البيت الذي من المُفترض أن يكون لهم روضة.
إن صلاحكِ يا حوَّاء سموٌ وجمالٌ وفرْض، ولكن إن لم تجتهدي في إسعاد زوجك، وفي تذليل صعابه بما تستطيعين، وفي مواكبتك الدائمة لكل ما يتطلَّع إليه في كل مجال، وعلى حسب ما تقدرين عليه؛ فإن صلاحك لن يؤتي ثماره في حياتكم الزوجية، وربما يتعدَّى الأمر إلى الحياة الأسرية كلها شاملةً الأولاد، فلماذا لا تنتبهين؟
دعونا نضرب مثالًا ليتَّضح المقال: امرأة صالحة، تُصلي وتصوم، وتقوم بما عليها من واجبات في حفظ زوجها وولده وماله، لكنها كثيرة الشكوى، تُولْول إذا حصل حاصل، وقد يستأهل أو لا يستأهل، وتئنُّ إذا وقع ضرر، وقد يُجبر بما لا يُذكَر، وتعرِّض بالحال، أو تردُّ بما لا يليق بها عن السؤال، وهكذا، فمثل هذه الأمور والتصرُّفات تجعل الزوج منها ينفر ومن البيت يفرُّ، ويُهَمُّ بدخول البيت قبل أن يصل، وإذا وصل لا يستقرُّ!
عزيزتي حوَّاء؛ من كمال العقل وحُسْن التبعُّل ألا تزعجي زوجك بكلِّ صغيرة وكبيرة، هل يمكن أن تفكِّري كيف تتحمَّلين معه جزءًا من مكابدة الحياة بدلًا من إضافة كبَد؟! هل يمكن أن تتركيه يسيِّر عمله بذهنٍ خالٍ من المنغصات ونفسية مفتوحةٍ بدلًا من أن تتصلي به وتضعي له كوْمًا من المُلابسات؟! هل يمكن أن تفكِّري كيف تسعدينه في بيته، وتجعلينه يشتاق إليك وإلى بيته بعد العمل، وكلَّما خرج بدلًا من أن تواجهيه أوَّل دخوله بطرح مشاكل الأولاد ومطالب البيت؟! وعلى هذا فَقِسْ، فإن أحسنتِ في ذلك فقد أضفتِ صَلاحًا إلى صلاح، وتوفيقًا إلى نجاح، وإن بقيتِ كما أنتِ عديمة، أو تحسَّنتِ أيَّامًا لتعودي حليمة؛ فاعلمي أنَّ لزوجك الحقَّ في تغيير العَتبة حتى تصلح الدار، والأمر في يدك أنتِ أوَّلًا قبل أن تندمي أو يفوتك القطار، وحتى تعلمي أهميَّة ذلك إلى هذه الدرجة اقرئي قصة سيدنا إبراهيم عليه السلام، وكيف أوصى ولده إسماعيل بتغيير عَتَبة داره، حتى أثْبَتَ له ما يستحق البقاء، ويقوم به البناء، ويليق بالوصية، ويصلح الله به الذرية.
____________________________
بواسطة :د/محمد علي السبأ
____________________________
رابط الموضوع:https://cutt.ly/aSEeYyg
Leave a Reply