عليك أن تحس بها وتعترف بالخطأ وتتخلى عن غرورك..ثم تقترب منها أكثر!
هناك «رجال باردين» يجيبون الهم..لا كلمة حلوة ولا هدية ولا مفاجأة!
لم يستطع “منير” أن يفهم كثيراً ما تشعر به زوجته “منى” حينما ارتدت فستانها الجديد الأحمر، والذي توجته بحزام أبيض لتطلب رأيه، حيث قصدت أن تستشف من خلاله مقدار إعجابه ودهشته بها، لينظر إليها بتثاقل ويرد: جيد، ثم يعيد نظره إلى القنوات التي كان يدريها ب”الريموت كنترول”، دون أن يضيف تعليقاً آخر، فيما بقيت “منى” تنظر لزوجها بعد أن شعرت بتحجر الموقف بداخلها، لتقرر أن تخلع الثوب وترمي به في أدراجها، ثم تخرج لتتصنع الانشغال بمسؤولياتها المنزلية، وسط غضب “منير” الذي في كل مرة يتعامل معها في تفاصيل الحياة “ينسى” أن يراعي طبيعة زوجته المرهفة، والتي كثيراً ما تبحث في كلماته عن قصص الحب، وفي نظراته عن شوق يأتي فلا يغادر، وفي تصرفاته عن اهتمام بالغ بما تحب، وفي محاولة أخرى من “منى” لتلطيف الجو اقترحت عليه أن يخرجا للمشي قليلاً عند الشاطئ بعد أن يأكلا وجبة خفيفة عند بائع الفطائر، لكنه ينظر إليها ببرود ويعلق: ليس لدي رغبة في ذلك، حتى تتحامل “منى” على جليده، فتسرع تجاه غرفتها لتقفل الباب عليها وتنفجر في البكاء لفرط محاولة زوجها تجاهل اهتماماتها وما تحب.
شعر “منير” بغضب زوجته، فهو يدرك تماماً ما تحتاج وما ترغب به، وما يهمها ويرضيها، لكنه يصف تلك الاهتمامات ب”السخيفة” و”الصغيرة” و”غير الهامة”، في حين تمثل تلك التفاصيل لدى “منى” الحياة بشكلها الحلو والمر، فكر في وسيلة لإرضاء زوجته بعد أن تسبب في إغضابها، ولكن ليس لأنه يريد أن يصل لإرضائها، ولكن لأنه يريد أن يتخلص من حدة غضبها وبقائها لفترة طويلة دون أن تتحدث معه، وكأنه رغب في التخلص من الموقف فقط، فكر ثم فكر، ثم ذهب إليها يطرق الباب ليقول لها: أرتدي ثيابك سنخرج إلى البحر، إلاّ أن “منى” لم ترد عليه بكلمة وبقيت رهينة حزنها، حيث شعرت أن زوجها لم يستوعب منطلق الرغبة في تحسين مستوى التواصل بينهما.
امتصاص الغضب
قد يكون “منير” زوج غير سيئ ، لكنه يقيس الأمور من منطلقه الذكوري دون أن يتأمل في طبيعة زوجته التي تحب أن تعيش الحياة من مبدأ “الالتصاق” و”الحميمية”، وعلى الرغم من أن “منى” لا تشكل غالبية الزوجات من حيث الاهتمامات والشخصية وما يغضبها، إلاّ أن الرجل يبقى دائماً حائراً في طريقة “امتصاص” غضب زوجته، فيبدأ المبادرات دون أن يسأل نفسه: زوجتي من أي أنواع الزوجات؟، وما الذي من الممكن أن يسعدها؟، ومَن مِن الزوجات من إذا غضبت أهداها زهوراً حمراء؟، ومن منهن ترضيها بمبلغ من المال؟.
ويرى الكثير من النساء أن الزوج لابد أن يرضي زوجته حينما تغضب بالحب مهما تنوعت شخصية الزوجة، وعلى الرغم من وجود نماذج من الزوجات من يضعن الأمور المادية سبباً لعلاج “الغضب”، إلاّ أن هناك أخريات يبحثن عن الرجل الذي يحسن قراءتهن بشكل جيد، هو ذلك الرجل الذي يعرف كيف يجمع الغضب في مكان واحد ويربت عليه بحميمية المحب، فهل فكرت يوماً، كيف ترضي زوجتك الغاضبة؟
أسباب واهية!
ورأت “أم سليمان” أن المشكلة الكبيرة التي تواجهها المرأة مع زوجها في واقع الخلافات أن الرجل ينظر دائماً لأسباب المرأة على أنها أسباب واهية وغير منطقية، مستشهدة بقصة “زعلها” من زوجها الذي أهمل تسجيل ابنه في المرحلة التمهيدية لهذا العام، مضيفةً أنها غضبت بشكل كبير؛ لأنها ترى أن في ذلك مصلحة كبيرة لابنها، وبدل أن يبادر زوجها بامتصاص غضبها ومحاولة التكفير عن خطئه بالاهتمام لإيجاد بديلا له، علق على “زعلها” بقوله: “يا حب النساء للزعل واختلاق المشاكل”!.
واتفقت معها “صالحة عبدالله” التي عاشت تجربة زعل مع زوجها لأسباب تهمها، حيث قرر زوجها السفر لأسباب تتعلق بعمله، لكنه لم يخبرها إلاّ قبل موعد السفر بدقائق، وعلى الرغم من محاولتها تكبير عقلها، وتجاهل ذلك الخطأ، إلاّ أنها تفاجأت أن زوجها حينما سافر لم يتصل خلال ذلك الأسبوع نهائياً، مشيرةً إلى أنها شعرت بغضب كبير دفعها لأن تفضل أن تبتعد عنه في بيت أهلها لعشرة أيام، وحينما قرر زوجها أن يكسب رضاءها اشترى لها “ساعة” وأرسلها مع ابنه الصغير دون أن يبادر بالحديث معها!.
أسلوب مكشوف
وقالت “هيفاء عبد الكريم”: إن الرجال لا يحسنون امتصاص غضب الزوجات، بل إن المشكلة الكبيرة حينما ينظر الزوج لزوجته على اعتبارها حساسة وعقلها ناقص، وأنها تفاقم الأمور، موضحة أن الرجل يستخدم أسلوبا مكشوفا في مصالحته لزوجته حينما تغضب، ففي ذات الوقت الذي تغضب منه لأنه لم يثن على تجديدها في المنزل، يعلق فيقول: “والله تغيير مميز ولافت”، فتشعر المرأة بأنه يتعامل معها كما يتعامل مع الأطفال لإسكاتها وامتصاص غضبها، دون أن يفكر في الأسلوب الجيد، وذلك ما تكرهه الزوجة.
ورأت “أروى الغيلاني” – المستشارة والمدربة بالتربية وتطوير الذات- أن للمرأة والتعامل معها تحليلا نبويا راقيا وشفافا، حينما وصف الرسول صلى الله عليه وسلم المرأة بالضلع الأعوج إن قبلته فقد قبلته، وإن قومته فقد كسرته، موضحةً أن هناك من يعتقد أن في هذا الوصف انتقاصا للمرأة، ولكنه خلاف ذلك، فالرسول هنا أراد أن يصف شدة الدقة في التعامل مع هذا الكائن الجميل والمرهف.
تحتاج الفضفضة
وذكرت “أروى الغيلاني” أن هناك من ينعت المرأة بالضعف ونقص العقل؛ لأنها تختار بعواطفها، فيصفونها أنها لا تستطيع أن تتحمل القرارات في الحياة، متناسين أن المرأة تستطيع أن تنجب وتلد لعدة مرات بعاطفتها ورغبتها في الأمومة، ولو فكرت بعقلها لم تنجب إلاّ طفلا واحدا فقط بسبب شدة الآلام، مضيفةً أن للمرأة مشاعر وعواطف، يدفعها لأن تثور وتغضب وتنفعل بشكل سريع، ولكنها أيضاً تسامح وتغفر بشكل أسرع بسبب عاطفتها، مشيرةً إلى أن إرضاء الزوجة الغاضبة يحدث حينما تتقبل ذلك الغضب والخطأ إن بدر منها في لحظة “الزعل”، مبينةً أن المرأة إذا دخلت في حالة غضب أو “زعل” فلابد من إعطائها مساحة ل”الفضفضة” والتعبير عن ما تشعر به، حتى تفرغ تلك الشحنات، ثم يأتي دور الرجل حينما تهدأ وفي لحظات الصفاء أن يذكر لها ملاحظاته وأسبابه، مشددةً على أن وقت الانفعال لا ينفع لتقويم الخطأ، فكلما كان في الحياة مسافة بين الحدث والاستجابة له، كلما كانت ردة الفعل أكثر حكمة وعمق.
الأم والطفل
وأوضحت “أروى الغيلاني” أنه في مجتمعاتنا العربية وللأسف “الأم” لم تربي أبنها كيف يكون زوجاً وأباً، كما أن من الحقيقة الواضحة في شخصية الرجل العربي تركيزه كثيراً على قضية الكرامة، فلا يحب أن يمتص غضبها حتى لا تجرح كرامته، ولا يحب أن يبدي لها الكثير من الاهتمام والحب من أجل كرامته، دون أن يعلم بأنه حينما يهين المرأة فأنه يهين نفسه، مشددةً على ضرورة أن يكون لكل أم دور في بناء شخصية ابنها منذ سن المراهقة بالمرأة، بترديد عبارات إكرام المرأة واحترامها والقرب منها، فتتجذر بداخله تلك القيم منذ الصغر، لافتةً إلى أن الأم تربي الصبي على الحفاظ على النظافة، والاجتهاد في تعليمه، والاهتمام بوالديه وأخوته، لكنها تنسى أن تعلمه كيف يصبح رجلاً متفهماً لزوجته، ذاكرةً أن الطفل يأخذ الدروس من تعامل والده مع زوجته، وذلك ما يؤكد على ضرورة أن تكون الخلافات بعيد عنه.
ليس عدلاً
وأكدت “أروى الغيلاني” على أن هناك الكثير من الأمهات يغذين تحامل أبنائهم ضد زوجاتهم وذلك غير لائق، مضيفةً أن أسلوب إرضاء المرأة في غضبها يعتمد على اختيار المرأة وكذلك على نوع شخصيتها، فهناك من النساء من تحب الأساليب الرومانسية في امتصاص غضبها، بينما البعض منهن يعتمدن على الأسلوب العقلاني في امتصاص ذلك الغضب، وهنا لابد أن يدرك الزوج طبيعة زوجته وما يرضيها، إلاّ أنه في أي حال من الأحوال لابد أن لا تقفل المشاعر أبداً في امتصاص “زعل الزوجة”، حتى إن كانت زوجة عقلانية، فالعزف على المشاعر جزء من اللعبة لابد من الاعتماد عليه، أما من يقلل من أسباب غضب زوجته بوصف ما تغضب منه لأسباب تافهة كما يشاع بين الأزواج، فرأت أن ذلك ليس عدلاً، فهناك من الرجال من يغضب من زوجته إذا لم تعمل “الشاي” بمذاق جيد في حين يرفض أن تغضب لأسباب تتعلق بها، فهنا لابد من احترام “الزعل” دون مناقشة الأسباب، مشددةً على أنه لابد من مناقشة “كيف نتصالح؟”، منتقدةً بعض أساليب الأزواج الذين يعتمدون في امتصاص غضب زوجاتهم بالهروب من مناقشة ذلك الزعل ومحاولة تجاهله.
استشارات أسرية
وأوضحت “أروى الغيلاني” أنه ليس من المجدي أن يؤمن الرجل بمنطق أن الرجل عقلاني والمرأة عاطفية فيهمل عاطفتها، مضيفةً أنه لابد من وجود ثقافة قبل الزواج حتى يعرف الرجل والمرأة كيفية الحياة الزوجية، ويعرف الرجل أسباب غضب زوجته، فلا يبدي عدم تحمله لغضبها في البيت، بينما قد يتحمل غضب مديره في العمل!، مشيرةً إلى أن هناك من النساء من تقارن الإيجابيات والسلبيات في زوجها، فتفضل قبول عيوبه نظير إيجابياته، وذلك أسلوب جيد، مشددةً على أهمية الاستشارات الأسرية للزوجين، فحينما نواجه مشكله علينا أن نتوجه لأخصائي نفسي وأسري؛ لأن ذلك أخطر أثراً على الآخر، متمنية أن يمتص الزوج “زعل” زوجته بالعاطفة مهما كان حجم ذلك الغضب، فالمفتاح السحري لحل أزمة ذلك الغضب حينما يهمس لها بكلمة “أحبك”، فإن براكين ذلك الغضب ستتحول إلى ينابيع من الرضا، ذلك ما يجب أن يفهمه الرجل.
Leave a Reply