السؤال: زوجي يحب السهر على شاشة التلفاز ولأوقات متأخرة لحين قبل صلاة الفجر، وكثيرا يحب أن أسهر معه، ولكني لا أستطيع بحكم أني أداوم على صلاة الفجر، وإذا سهرت لا أصحو نهائيا للصلاة. وإني مستعدة للسهر معه وقت مناسب و لكن بعد ذلك أذهب وأنام قبله.
زوجي يسهر على شاشة التلفاز وعلى برامج إباحية لحد كبير، ويحب حضور الأفلام التي تثيره و يحب رؤية النساء لحد لا يتصوره العقل.و بالصدفة أحد المرات صحوت في منتصف الليل فوجدته يتابع برامج جنسية مثيرة لحد لا يعقل، مع العلم أني غير مقصرة معه نهائيا من هذه الناحية بدليل أنه يعترف بذلك.
فكيف السبيل على تغيير اتجاه زوجي؟ وهل أتعرض للإثم إذا رفضت السهر معه على هذه الأفلام، وقد تحدثت معه كثيرا عن حرمة هذه الأفلام ولكنه ينعتني دوما بالمتشددة في الدين؟
وهل النظر لهذه الصور والأفلام مما يهدم الحسنات (حديث الذي يأتي بحسنات كالجبال فيجعلها الله هباء منثورا لأنهم إذا اختلوا بحرمات الله انتهكها)؟
الإجابة: لا يجوز لك أن تسهري معه، فلا طاعة لأحد في معصية الله؛ إنما الطاعة في المعروف كما صح في الحديث. والنظر إلى هذه الصور والأفلام من أعظم الآثام.
وانقلي له هذا الكلام:
يجب على المسلم أن ينزه بصره عن رؤية القاذورات من الزناة والزواني الذين هم أحط البشر، وأرذلهم؛ بل هم شياطين في جثمان إنس، يجب أن ينزه بصره عن أن يرى هذه المناظر المقززة التي إن استقرت في القلب أفسدته وإن بقيت في النفس كدرتها وأثمرت أمراضًا كثيرة .
وإن مثلَ قلب المسلم وعقله إذا وقع بصره على قذر الإباحية الشيطانية البهيمية في وسائل الإعلام، مثل ثوب طاهر ذي رائحة زكية، ألقيت عليه عذرة خنزير، ففاحت منه أنتن رائحة، وتحول إلى أقبح منظر، فليت شعري كيف يسمح المسلم أن يلطخ إيمانه هكذا، أفلا يخشى أن يسلب منه الإيمان عقوبة لما فعل؟!
هذا وما أرى كثرة انتشار الأمراض النفسية كالوسواس وغيره إلا بسبب تفشي إدمان النظر إلى هذه القاذروات، فإنها تستقر في النفس الإنسانية، فتوجب فيها فسادًا للفطرة يخرج بالنفس الإنسانية عن الاطمئنان والاستقرار، إلى الاضطراب والكدر، فتأتي بعد ذلك أمراض نفسية كثيرة، منها الوسواس القهري، والضيق والاكتئاب، ولهذا كان العلماء يستحبون النظر في المصحف، حتى لو قرأ المسلم بعينه لا بشفتيه، يقولون إن النظر إلى المصحف يثمر أثرا حسنا في القلب، كما النظر إلى الصالحين والأتقياء والعلماء، والنظر إلى المجاهدين، كل ذلك يريح النفس ويحفزها إلى الخير، ويثمر استقرارا فيها، لأن النظر رسول القلب، والرسول يبلغ الرسالة إلى المرسل ـ بكسر السين ـ فإن أتى برسالة كريمة استبشر المرسل بها فظهر استبشاره عليه، وإن أتى برسالة مليئة بالوساخة نظر إليها المرسل (القلب) فاسود وجهه، واضطربت أركانه.
ولهذا قال تعالى {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم} وقوله -سبحانه- “أزكى لهم” دليل على أن غض البصر تحصل به زكاة القلب؛ أي طهارته، وأن العكس بالعكس، فإطلاق البصر على رؤية العورات والمحرمات يدس النفس في السفول والنجاسة، والعاقل يشكر نعمة الله تعالى عليه بحفظ ما وهبه من نعمة البصر والعقل، فيحفظهما بطاعة الله تعالى.
أما بخصوص السؤال عن إحباط العمل فمحبط العمل كله هو الشرك، من مات على الشرك الأكبر حبط عمله كله قال تعالى {لئن أشركت ليحبطن عملك}
وسيئة الرياء تحبط العمل الذي فيه الرياء، وسيئة المنّ بالصدقة تحبط ثوابها.
والمظالم التي لم يتخلص منها العبد في الدنيا يعوضها من حسناته لمن ظلمهم يوم القيامة
أما ظلم العبد لنفسه ومعاصيه دون الشرك، فإن الله تعالى يكتبها عليها سيئات، وهي لا تحبط حسناته التي يكسبها في طاعة الله تعالى قال تعالى {فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره }.
وأما حديث ذهاب حسنات الذين إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها فهو ـ إن صح ـ دليل على أنهم لا يعملون الحسنات في العلن إلا رياء، بدليل أنهم إذا خلوا عصوا الله ولم يبالوا. وليس معناه أن المعصية بالسر تحبط الحسنات.
والله أعلم.
المصدر: الشيخ حامد بن عبد الله العلي
Leave a Reply