زوجتي الغالية العزيزة، ذكرياتي معكِ كثيرة طيبة رائعة، لها أثرها المتجدِّد، وعبَقها الفوَّاح، تلك المواقف الجميلة التي تعمل على تجديد العلاقة المتينة، وتقويتها يومًا بعد يوم، إنَّه رصيدُ أكثر من ثلاثة عقود، سنوات مرَّت سريعًا كأنها أيام، وهنا أدوِّن بعضَ الذكريات معكِ رفيقة الدرب حفظكِ الله ورعاكِ: إنَّها بعض المحطَّات التي مررنا بها معًا، وتوقفنا معها، وقد يكون غيرنا أكثر توقُّفًا واستفادة:
1- القرآن كلام الرحمن:
حيث كانت البداية وانطلاق المعرفة، فلا أنسى تِلك اللَّحظات عندما سمعتُ بمسابقة للقرآن الكريم على مستوى المدارس الإعدادية، وأنَّ بين الفائزات إحدى الفتيات من الأهل والجيران في تِلك القرية التي نَسْكنها، فلمَّا رأيتُ الاسم سُررتُ وسعدت أن يكون عندنا من أهل التميز بالقرآن، فشكرتُ الرحمن، وأضمرتُ في نفسي التواصل بإحسان، وفعلاً التقيتُ بالوالد الهمام، ودارَ الكلام، وحصل تشاور لأيام، وتمَّت الموافقة بفضل الواحد المنَّان.
وبقيَت العلاقة مع القرآن مستمرَّة إلى الآن، وها أنت على وشك ختمه حفظًا بإتقان، ولا أنسى فضلك في تلاوته في البيت عند الأولاد وفي كلِّ الأركان.
كم جميلة تِلك اللحظة والحلقة لتَدَارسه وتدبُّره في كلِّ أوان، مما يجلب الخيرَ والسعادة والفرح وبعد الأحزان والتحصُّن من الشيطان.
2- الوالدان الكريمان:
شكرًا لكِ على علاقتك الطيبة بهما التي أسعدَتني كثيرًا، فحُسن تعاملك معهما له آثاره الباقية المستمرة، ومِن نِعَم الله على العبد ألاَّ يكون هناك تنافُر بين زوجته وأمِّه وأبيه، فكيف إذا كانت المحبَّة والود والإيثار، إنَّها لحظات أُنْس وسعادة، شكرًا لكم جميعًا أمي الغالية وزوجتي العزيزة، ورَحِم الله الوالدَ وجمعنا به في الجنة.
3- الولدان عبدالله وعبدالرحمن:
إنَّهما أحب الأسماء إلى الله؛ ففي الحديث: ((إنَّ أحبَّ أسمائكم إلى الله عبدالله وعبدالرَّحمن))،والحمد لله الذي أَكرمني بآخر مولود عبدالله، وقد كان أول مولود عبدالرحمن، وبينهما ثلاثة واثنتان، إنَّها هبة الرحمن المنعِم المتكرِّم على الإنسان.
شكرًا لكِ زوجتي أم عبدالرحمن على التربية والإحسان، والله يكتب لكِ الأجرَ على تعب الولادة والسهَر والمتابعة حتى الآن، وأسأل الله أن يكونوا ذريَّة صالحة، ينفعون أنفسَهم ووالديهم وأُسَرهم وبلدهم وأمَّتهم، ويكونوا صالحين مصلِحين، ينفعوننا في الدنيا ويوم الدين.
4- رحلة الدراسة:
زواج بعد الثانوية في عمان، ثمَّ الوصول – بفضل الله – إلى الدكتوراه في السودان، مرورًا بمصر والسعودية إلى قطَر بلد الخير والإحسان، رحلة طويلة ليسَت بالهينة والسَّهلة لولا عَون الله وتوفيقه، ثمَّ وقوفكِ معي أيَّتها الحبيبة الغالية الطيبة الصابرة المحتسبة.
شكرًا لك على صبرك وتشجيعك ووقوفك عبر الطريق، وتذكيرك بعبادة الرحمن، فلا أنسى رحلتك معي، ووقوفك سندًا وعونًا ومشجِّعًا، وتحمُّلك آثار البعد عن الأهل والأرحام، واحتسابك الأجر من الكريم المنَّان، وخدمتك للزوج بجدٍّ واحترام.
5- مواقف متنوعة:
مواقف كثيرة خلال السنوات العديدة لا تخلو من فترات حُزن أحيانًا وفرح في أغلب الأحيان، وذلك بفضل الله الواحدِ الديَّان، والمؤمنُ أمرُه خيرٌ في كلِّ أوان، والحياة لا تأتي كلها وفق رغبة الإنسان، فسيِّد البشر صلى الله عليه وسلم لم يَسْلم من الأذى والألم والجوع والتَّعَب والحرمان، فكيف بنا نحن الضعفاء المساكين في هذا الزَّمان؟
فقد مرَّت بنا مواقف عند الزواج ومع الأبناء الكرام، وفي البلد الطيب، وفي السَّفر وعند التنقل بأمنٍ وسلام، مواقف في الصيف وأخرى في الشتاء من كلِّ عام، مواقف إيجابية حسنة مفرحة تبقى في الذاكرة زادًا لنا في الطريق على الدوام، وأخرى محزِنة ننساها ونحتسب أجرها عند الله يوم نلقاه عند القيام.
اللهمَّ وفق زوجتي الكريمة لكلِّ خير، وجنِّبها كلَّ شرٍّ، ووفِّقها لما تحب وترضى، واجزِها عنِّي خير الجزاء، وبارِك لنا في أولادنا، وارزقنا برَّهم لنا في الحياة وبعد الممات.
____________________
بواسطة :
الدكتور / سليمان الحوسني
____________________
رابط الموضوع: https://www.alukah.net/social/0/88078