حكم الزواج عن طريق الإنترنت

 

السؤال: انتشرت في الآونة الأخيرة خدمات تنسيق الزواج، سواءٌ عبر أشخاص –وسطاء- أو عن طريق مواقع على الإنترنت، والسؤال: ما حكم ذلك؟ مع العلم أنه يتم الاتفاق المبدئي بين طرفي الزواج -الشاب والفتاة- إما مباشرةً من خلال المواقع، وإما عن طريق وسطاء، ولا أعلم إن كان مثل هذا الاتفاق يكون بعلم وليّ الفتاة أم لا، وبعد الاتفاق المبدئي يقوم الشاب بالتقدم لخطبة الفتاة.

ملاحظة: العذر المتعارف في استخدام مثل هذه الطرق هو تعذر استخدام الطريقة التقليدية في الزواج؛ لما فيها من رسميات، وكونِ هذه الوسيلةِ أسهلَ في إذابة عقبات الزواج، التي تواجه كلاًّ من الفتيات والشباب.

الإجابة:الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:

فيجوز للمرأة أن تعرض نفسها على كفءٍ لها؛ ليتزوجها، والأدلة على ذلك كثيرة؛ أما إن كان العرض من خلال المواقع الإلكترونية، أو مكاتب تزويج؛ لتعذر الطرق التقليدية في الزواج، أو لحل مشكلة العنوسة – فينظر:

فإن كانت تلك المواقع جادةً، ويشرف عليها أناس من أهل العلم والفضل، ‏وهدفهم التوفيق بين الجنسين، وتتخذ الاحتياطات اللازمة والضوابط الشرعية في التعامل بين الرجال والنساء، ويتجنَّب المتقدمون الوقوع في المحاذير الشرعية – كالمحادثات، أو المقابلات، سواء عبر الإنترنت أو خارجه، إلى غير ذلك – فيجوز له أن يقوم باستقبال الطلبات من ‏الطرفين، ثم يقوم بالمطابقة بينها، ثم يُعْلِم الطرفين بذلك، دون أن ينشر شيئاً من بياناتهم، وله أن يقتصر على نشر المواصفات العامة التي لا تحصل بها فتنة – كالاسم، والعنوان، والبلد، والمؤهلات الدراسية – وذكر المواصفات الشخصية – كالطول والقصر، والبياض والسواد، وما شابه ذلك – لأنه إذا كان للخاطب رؤيةُ المخطوبة، فمن ‏باب أولى أن توصف له، ولكن بشرط عدم الدخول في تفاصيل تثير الغرائز؛ ‏فهذه الطريقة لا حرج فيها، بل هي من التعاون على البر والتقوى، مع التنبيه على أنه لا تتم الخِطْبة بمجرد موافقة الطرفين؛ بل لا تتم حتى يعرض الأمر على الولي؛ فيقبل أو يرفض!!

وأما إن كانت تلك المواقع هازلةً، ولا يشرف عليها أهلُ الفضل، وإنما يشرف عليها بعضُ المجاهيل، وهي المعروفة بـ “مواقع هواة التعارف”، أو “البحث عن شريك الحياة” – فهذه المواقع أوكارٌ للمفسدين والمفسدات، الذين كل همهم هو الاصطيادُ في الماء العكر، وتضليلُ المغفلين والمغفلات، واللعبُ على عقولهم، وجرُّهم إلى الفساد والرذيلة؛ فلا يليق بمن لديه حرص على دينه وعرضه أن يَدْخُلَهَا، ولا أن يجعل لهؤلاء المفسدين عليه سبيلاً؛ سداً للذريعة المفضية إلى ما لا تحمد عقباه من غش؛ إذ قد تكون المعلوماتُ غيرَ صحيحة، أو يكون الرجلُ صادقاً في الزواج، لكن المرأة تكذب، أو تكون المرأةُ صادقةً في طلب العفاف، لكن الرجل يكون محتالاً، وهكذا.

أما قول السائل: “وكون هذه الوسيلة أسهلَ في إذابة عقبات الزواج، التي تواجه كلاًّ من الفتيات والشباب”، فاعلم أن كثيراً من المفسدين يتخذ الإنترنت وسيلةً للإشباع الجنسي عن طريق المراسلات الغرامية وتبادل ‏الصور؛ بدعوى البحث عن الزوجة؛ فذلك لا يجوز ألبتة، وهو ذريعة لشر عظيم، ‏وباب يلج منه المفسدون والمفسدات إلى ما لا تحمد عقباه.

أما إن كان السائل يقصد – من قوله: (من إذابة العقبات) – التوفيقَ بينهما بالضوابط المذكورة سابقاً – فلا بأس، ‏والله أعلم.‏

المصدر: الشيخ خالد عبد المنعم الرفاعي

 

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.


*