أوجب الإسلام على الزوج حقوقاً تجاه زوجته، وكذا العكس، ومن الحقوق الواجبة ما هو مشترك بين الزوجين. وسنذكر – بحول الله تعالى- ما يتعلق بحقوق الزوجين بعضهما على بعض في الكتاب والسنة مستأنسين بشرح وأقوال أهل العلم.
الحمد لله، قال الشيخ محمد صالح المنجد: أوجب الإسلام على الزوج حقوقاً تجاه زوجته، وكذا العكس، ومن الحقوق الواجبة ما هو مشترك بين الزوجين. وسنذكر -بحول الله تعالى- ما يتعلق بحقوق الزوجين بعضهما على بعض في الكتاب والسنة مستأنسين بشرح وأقوال أهل العلم.
أولاً: حقوق الزوجة الخاصة بها:
للزوجة على زوجها حقوق مالية وهي: المهر، والنفقة، والسكنى.
وحقوق غير مالية: كالعدل في القسم بين الزوجات، والمعاشرة بالمعروف، وعدم الإضرار بالزوجة.
- الحقوق الماليَّة:
أ – المهر: هو المال الذي تستحقه الزوجة على زوجها بالعقد عليها أو بالدخول بها ، وهو حق واجب للمرأة على الرجل ، قال الله تعالى: {وآتوا النساء صدقاتهن نحلة} ، وفي تشريع المهر إظهار لخطر هذا العقد ومكانته، وإعزاز للمرأة وإكراما لها.
والمهر ليس شرطا في عقد الزواج ولا ركنا عند جمهور الفقهاء، وإنما هو أثر من آثاره المترتبة عليه، فإذا تم العقد بدون ذكر مهر صح باتفاق الجمهور لقول الله تعالى: {لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة} فإباحة الطلاق قبل المسيس وقبل فرض صداق يدل على جواز عدم تسمية المهر في العقد.
فإن سمِّي العقد: وجب على الزوج، وإن لم يسمَّ: وجب عليه مهر ” المِثل ” – أي مثيلاتها من النساء – .
ب – النفقة: وقد أجمع علماء الإسلام على وجوب نفقات الزوجات على أزواجهن بشرط تمكين المرأة نفسها لزوجها، فإن امتنعت منه أو نشزت لم تستحق النفقة.
والحكمة في وجوب النفقة لها: أن المرأة محبوسة على الزوج بمقتضى عقد الزواج، ممنوعة من الخروج من بيت الزوجية إلا بإذن منه للاكتساب، فكان عليه أن ينفق عليها، وعليه كفايتها، وكذا هي مقابل الاستمتاع وتمكين نفسها له.
والمقصود بالنفقة: توفير ما تحتاج إليه الزوجة من طعام، ومسكن، فتجب لها هذه الأشياء وإن كانت غنية، لقول الله تعالى: {وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف} [البقرة:233]، وقال الله عز وجل: {لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله} [الطلاق:7].
وفي السنة النبوية: قال النبي صلى الله عليه وسلم لهند بنت عتبة – زوج أبي سفيان رضي الله تعالى عنهما وقد اشتكت عدم نفقته عليها – «خذي ما يكفيكِ وولدَكِ بالمعروف» .
عن أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: دخلت هند بنت عتبة امرأة أبي سفيان على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بنيَّ إلا ما أخذت من ماله بغير علمه فهل علي في ذلك من جناح؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك». رواه البخاري (5049) ومسلم (1714).
وعن جابر رضي الله تعالى عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبة حجة الوداع: «فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ، ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه ، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح ، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف» رواه مسلم (1218).
ج. السكنى: وهو من حقوق الزوجة، وهو أن يهيىء لها زوجُها مسكناً على قدر سعته وقدرته ، قال الله تعالى : {أسكنوهنَّ من حيث سكنتم مِن وُجدكم } [الطلاق:6].
- الحقوق غير الماليَّة:
أ. العدل بين الزوجات: من حق الزوجة على زوجها العدل بالتسوية بينها وبين غيرها من زوجاته، إن كان له زوجات، في المبيت والنفقة والكسوة.
ب. حسن العشرة: ويجب على الزوج تحسين خلقه مع زوجته والرفق بها، وتقديم ما يمكن تقديمه إليها مما يؤلف قلبها ، لقول الله تعالى: {وعاشروهن بالمعروف} [النساء:19]، وقول الله تعالى: {ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف} [البقرة:228].
وفي السنَّة النبوية: عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم : «استوصوا بالنساء» رواه البخاري (3153) ومسلم (1468).
وهذه نماذج من حسن عشرته صلى الله عليه وسلم مع نسائه – وهو القدوة والأسوة -:
- عن زينب بنت أبي سلمة حدثته أن أم سلمة رضي الله تعالى عنهن قالت: حضت وأنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في الخميلة فانسللت فخرجت منها فأخذت ثياب حيضتي فلبستها، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أنفستِ؟ قلت: نعم، فدعاني فأدخلني معه في الخميلة».
قالت: “وحدثتني أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبلها وهو صائم، وكنت أغتسل أنا والنبي صلى الله عليه وسلم من إناء واحد من الجنابة”. رواه البخاري (316) ومسلم (296) .
- عن عروة بن الزبير رضي الله تعالى عنهم قال: قالت -أم المؤمنين-عائشة- رضي الله تعالى عنها-: “والله لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم على باب حجرتي والحبشة يلعبون بحرابهم في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه لكي أنظر إلى لعبهم ثم يقوم من أجلي حتى أكون أنا التي أنصرف، فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن حريصة على اللهو”. رواه البخاري (443) ومسلم (892) .
- عن أم المؤمنين عائشة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها: “أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي جالسا فيقرأ وهو جالس فإذا بقي من قراءته نحو من ثلاثين أو أربعين آية قام فقرأها وهو قائم ثم يركع ثم سجد يفعل في الركعة الثانية مثل ذلك فإذا قضى صلاته نظر فإن كنت يقظى تحدث معي وإن كنت نائمة اضطجع” . رواه البخاري (1068).
ج. عدم الإضرار بالزوجة: وهذا من أصول الإسلام، وإذا كان إيقاع الضرر محرما على الأجانب فأن يكون محرما إيقاعه على الزوجة أولى وأحرى.
عن عبادة بن الصامت رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى «أن لا ضرر ولا ضرار» رواه ابن ماجه ( 2340) . والحديث : صححه الإمام أحمد والحاكم وابن الصلاح وغيرهم.
انظر : (خلاصة البدر المنير:2 / 438).
ومن الأشياء التي نبَّه عليها الشارع في هذه المسألة: عدم جواز الضرب المبرح.
عن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: «فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف» رواه مسلم (1218).
Leave a Reply