لا تتهرب من الإجابة وأنت تعرف ذاتك وحصاد ما مضى من عمرك
المرأة بعد عشرين عاماً بحاجة إلى رصيد إضافي من التقدير
الإحسان بين الزوجين يبقى رصيداً للحب والوفاء
الحب يبقى مهما كانت ظروف الحياة قاسية
مشاعر الزوجين الصادقة تنعكس على حياتهما مستقبلاً
عندما يصل الزوجان لعشرة سنين طويلة من الزواج، يكونان فيها قد حددا مصير هذه العلاقة إما بالاستمرار، أو التغيير في نمط الحياة، حينها الأبناء يكونون قد وضعوا على أولى عتبات طريقهم، والأطفال كبروا، والأم قد تفرغت من مسؤولياتها قليلاً، والأب قد استقر بحياته العملية، ولكن هل الكل مستعد للتغيير؟، وماهي الدوافع التي تجعل البعض من الأزواج يستمرون في حياتهم بدون أي تعديل عليها؟، وهل الحب والمودة بين الزوجين يزيد أو ينقص بعد مرور فترة على الزواج؟.
وقد أشارت دراسة لجامعة “ستوني بروك” في نيويورك، شملت أشخاصاً تزوجوا حديثاً وآخرين مرّ على زواجهم حوالي (20) سنة، وأجرى العلماء تصويراً مقطعياً لأدمغة الأزواج، فتبين أنّ عدداً منهم أبدى بعد (20) سنة على الزواج استجاباتٍ عاطفيةٍ مماثلةٍ للاستجابات التي يبديها الأزواج حديثو الارتباط، وخلصت الدراسة إلى أنّ بعض الأزواج عبّروا عن حبهم الشديد لشريكهم على الرغم من مرور (20) سنة على زواجهم، فظن أنّها خدعة، لكن المسح المقطعي لأدمغتهم أظهر أنّ الأمر حقيقة بالفعل، وأنهم لا يتظاهرون بالحب.
وكانت دراسات سابقة قد ذكرت أنّ الحب الأبدي لا وجود له، وأنّ الحب بين الأزواج يبدأ بالتضاؤل بعد مدة تتراوح بين (12-15) شهراً، ويأخذ بالتلاشي أكثر بعد سنتين أو ثلاث سنوات، إلى أن يختفي تقريباً بعد سبع سنوات.
مستقبل الزوجة
وذكر “جاسم المطوع” أنّ المرأة بعد مرور (20) سنة من الزواج تبدأ تفكر في وضعها، ومستقبلها، وحالها، فبعض النساء تصاب بالإحباط؛ لأنّها صرفت الكثير من وقتها للأولاد والزوج، ولكن الأولاد كبروا وأصبحوا لا يحتاجونها كثيرا والزوج مازال في أعماله ومشاغله، لذلك فهي تشعر بأنها وحيدة في حياتها، ووحيدة في تفكيرها، ويأتيها شعور نفسي كأنها غير مرغوب فيها، موضحاً أنّ الحياة لا تستمر على ما هي عليه فهذه فترة من الراحة يعطيها الله تعالى للمرأة حتى تلتفت لنفسها وتجدد حياتها وتنظر لذاتها فتهتم بصحتها من جديد وبعلمها وثقافتها، وبعد فترة من الراحة والاستراحة تبدأ بانطلاقة جديدة ويكون لها دور آخر في الأسرة عندما تصبح جدة، وبالمجتمع في تقديم المساعدة له.
توازن واستقرار
وكشف “عبدالله المري” أنّه متزوج منذ (20) سنة، مبيّناً أنً حياته ليس بها مايزعجه ويحتاج لتغيره، مضيفاً أنّه سمع الكثير من أصدقائه عن هذه المرحلة والتي تعني لهم الخروج من دائرة المسؤولية إلى أفق الحرية والانطلاق و”أشوف نفسي”-على حد تعبيره-، لافتاً إلى أنّ هذه المرحلة بالنسبة له مرحلة توازن واستقرار نفسي، وعائلي، وعملي، والتغيير يعني البدء في مرحلة جديدة مختلفة المعالم والنتائج، وقد تسبب الكثير من المشاكل غير المحسوبة.
منظار وردي
ورأت “منى القحطاني” التغيير في حياتها الزوجية، مبيّنةً أنّها قد اتفقت مع زوجها على ذلك، مضيفةً: “عشنا عشرين عامًا بدون أن نلتفت لهواياتنا المشتركة، وتجديد المشاعر بيننا، بل حتى المشاركة بأمور خارجة عن مسؤوليات البيت والعائلة والأولاد”، مشيرةً إلى أنّ أهم الخطط المدرجة على قائمة التغيير العودة لعشرين سنة ماضية كما كانوا في بداية زواجهم، من خلال الخروج مع بعض للمطاعم، والسفر لوحدهم من دون اصطحاب الأطفال، إلى جانب التقليل من مواعيد الالتزامات الاجتماعية، والتسجيل بنادي رياضي، بالإضافة إلى النظر للحياة بمنظار وردي، فالتغيير الداخلي أهم من التغيير الخارجي بكثير، حيث إنّ المرأة لوحدها لا تستطيع التغيير إن لم يكن بجوارها رجل يحبها، ويتعاون معها في تنفيذ قراراتها.
مراهقة الأربعين
ووصفت “سمية صالح” حال جارتها الذي تبدل بعد مرور (20) سنة زواج، حيث وهبت نفسها لأولادها وزوجها، وعندما كبر الأولاد وبدأوا يستقلون بحياتهم، أدركت أنّ حياتها بدأت تتغير، وأصبح لديها وقت كبير من الفراغ، وفعلاً بدأت تتمرد على عاداتها، وتهتم بنفسها وبجمالها، وتذهب للسوق، وتشتري أحسن الثياب، وكأنها عادت مراهقة من جديد، واستمرت على هذا الحال تقريبا عامين، ثم عادت متوازنة من جديد، معتبرة ًأنّ هذا الأمر يحدث للأشخاص الذين يضعون أنفسهم بعد الآخرين دائماً، ويسخرون أنفسهم للآخرين؛ لذلك على الزوجة أن لا تهمل أموراً على حساب أخرى، وتصحى في الوقت الذي ينتقد فيه الآخرون تصرفاتها، إذا كانت خارجة عن العادة في مثل عمرها وسنها.
تجديد بالطلاق
وأوضح “سالم الناصر” أنّ هناك من يجددون حياتهم بعد عشرين عاماً، ولكن بالمقابل هناك من ينهيها بعد هذا العمر، معتبراً أنّ الطلاق بعد عشرين سنة من الزواج أمر محيّر، ويقدم عليه بعض الأفراد بعد أن يكونوا قد إطمأنوا على مصير الأبناء، وعادة ما تكون الحياة الزوجية لهؤلاء غير طبيعية، فالتفاهم ينعدم بينهم بعد فترة وجيزة، ويكونون وقتها قد أنجبوا أطفالا، مبيّناً أنّه بحكم هذه الوضعيّة الجديدة يعمد الزّوجان بعد تفكير إلى تغليب مصلحة الأبناء فيصبرون ويتظاهرون بالحياة الزّوجية العادية.
وأضاف أنّه غالباً ما تكون علاقتهم الحميمية منعدمة، ولكنّهم يواصلون الحياة المشتركة أمام المجتمع إلى حين بلوغ الأبناء مرحلة من العمر يكونون بعدها قد بنوا حياتهم الخاصّة وليسوا في حاجة إلى العائلة، عندها فقط يقع التفاهم بين الزّوجين على الطلاق “السلمي” بالتفاهم والتراضى؛ لينعم كل طرف بحياة جديدة يراها أفضل من الحياة الزّوجية الرّوتينية، مشيراً إلى أنّ طريقة الطلاق هذه يمكن أن نطلق عليها “الطلاق الحكيم”؛ لأنه غلّب مصلحة الأبناء على المصلحة الذاتية، مستدركاً: “ويبقى الطلاق طلاقاً حتى وإن كان حكيماً!”.
مكافآت زوجية
وبيّن “د. منصور العسكر” أنّ الحياة الزوجية بعد (20) عاماً تكون أكثر نضجاً وتفهماً لما يريده الشريك من شريكه، فبعد هذا العمر يكون كلا الزوجين قد وصل لما لمرحلة الاستقرار، فالأبناء بمراحل التعليم المتقدمة، والزوج بوظيفته وقد يكون قد قارب على التقاعد، والزوجة تكون قد تخففت من مسؤولياتها الأسرية؛ مما يجعل الزوجين يلتفتان لحياتهما الشخصية الخاصة والتي تحتاج أن يهتم كل واحد منهما بالآخر كما كانا ببداية الحياة، لافتاً إلى أنّ هذه المرحلة من العمر يكون الإنسان حساسًا ومشاعره متدفقة تجاه الآخر، بل إنّ عصارة السنين تخرج ثمرتها في هذه المرحلة، لذلك على كلا الزوجين أن يسعى للتغيير والتجديد بما يتوافق مع حياتهما الجديد.
وأضاف أنّ هناك ما يسمى “بالمكافأة الزوجية” ولها أهمية كبيرة في تجديد الحب بين الزوجين، حيث تلعب دوراً مهماً في ضمان حياةٍ زوجيةٍ سعيدةٍ، فهي رمزٌ للتقدير والاحترام بين الزوجين، وكلما كثرت المكافآت بين الطرفين ازداد الحب وقوي الانسجام، ومنها الكلمة الطيبة، والابتسامة في الوجه، والتقدير العلني، كأن يمدح الزوج زوجته أمام الأبناء، أو تمدح الزوجة زوجها أمام أهله، بمعنى أن يكون المدح بصوتٍ مسموعٍ وعلني، فيسعد الطرف الممدوح عند سماع هذا التقدير، فيزيد عطاؤه وحبه للعلاقة الزوجية.
حماية العلاقة
ولفت “د. العسكر” إلى أنّه يجب الحرص على إنجاح العلاقة الحميمة وإرضاء كل طرف للآخر، من خلال اللمسات الحانية التي يمكنها أن تجعل كلا الزوجين قادرين على تحقيق قدر من الاستمتاع بالطرف الآخر والإشباع العاطفي لكلا الزوجين، مشدداً على أنّ الطلاق أبغض الحلال عند الله، وهو نتيجة حتميّة لكل علاقة لا تكون مبنيّة على التفاهم والحب، والود والاحترام المتتبادل، وعادة ما تنتهي العلاقات الزوجيّة في سنتها الأولى نظرا لعدم التفاهم وعدم تطابق الرؤى للحياة المستقبلية بين الزوجين، وهذا أمر طبيعي، ولكن من غير الطبيعي أن تتم عملية الطلاق بعد عقدين أو ثلاثة من الزواج، ولعل هذه الظاهرة التي بدأت في البروز تلفت الانتباه إلى خلل ما في التركيبة العائلية.
Leave a Reply