النكد هو العدو الأول للحياة الزوجية السعيدة، وبرغم أنه ما من زوج أو زوجة إلا ويفر من النكد فرار السليم من الأجرب، إلا أن النكد الزوجي واقع تئن من وطأته كثير من الأسر ربما لأنه كالنار يبدأ من مستصغر الشرر، فكيف تتجنبين النكد ابتداءً؟ وكيف تتخلصين منه إذا أصبح زائرًا ثقيلاً لبيتك؟ هذا ما سنتعرفه في السطور الآتية:
حرب نفسية: في كتابها (النكد الزوجي) تصف الدكتورة. “هيرفون” مسألة “النكد” بأنه: “التعكير الدائم لصفو الآخر، وهو تمامًا كالحرب النفسية، وتُرجِع سببَه إلى الفراغ أو سطحية التفكير عند من يختلقه أو إلى تربية خاطئة خضع لها منذ الصغر، أو محاولة لجذب انتباه الآخر كانتقام منه على تجاهله لشريكه في الحياة مثلا” .
وعلى الرغم من أن البعض يتهم الزوجات بأنهن “نكديات” بطبيعتهن، إلا أننا لا نستطيع غض الطرف عن الزوج لأنه أحيانًا يقوم ببعض التصرفات التي تجلب النكد للزوجة ولأهل البيت أيضًا كأن يصر على عدم ذهاب زوجته لأهلها أو يضيق بأمها وأسرتها وقد ينتقد زوجته وشكلها وتصرفاتها، وقد يفضل السهر بعيدًا عن المنزل ولا يهتم بشؤون أسرته. وغير ذلك من السلوكيات التي ترفضها الزوجة وتضطرها لمقابلة النكد بنكد مثله وهو ما يزيد الأمور اشتعالاً.
وفي المقابل يؤكد الأستاذ أكرم رضا – الباحث في العلاقات الزوجية والأسرية – أن نكد الزوجات أبقى وأقوى وأشد ضراوة، فمن الزوجات من يختلقن النكد وتحول حياة زوجها إلى جحيم بسبب الشكوى المستمرة من كل شيء، فمن سوء الأحوال المادية إلى مشكلات الأولاد إلى إهمال الزوج لشؤون بيته إلى أمه التي تحشر أنفها في شؤونهم، وبدلاً من أن يَفتح الزوج الباب ويجد ابتسامة مشرقة ويدًا حانية وصوتًا رقيقًا؛ يجد وابلاً من الأخبار السيئة ومشكلات الأولاد والجيران والأقارب!
تعددت الأسباب والنكد واحد
يرى الخبراء أن المشاحنات اليومية الصغيرة التي تحدث بين أي زوجين تؤدي دورًا واضحًا في ترسيب المشاعر السلبية بينهما، وهي إن كانت لا تحوي قدرًا كبيرًا من العنف إلا أنها تعتبر الشرارة الأولى لتفجير المشكلات الكبيرة وربما العنف المؤدي إلى الطلاق من منطلق أن معظم النار من مستصغر الشرر.
ويؤكد المختصون أن أغلب تلك المشاحنات لا تعبر عن عيوب في أحد الزوجين بل في طريقة التواصل بينهما.
وهي عبارة عن شحنة زائدة ناتجة عن إحباطات ومشكلات طارئة تفرغ ضد الطرف الآخر وقد تكون لسبب تافه لا علاقة للطرف الآخر به، فالقاعدة في الزواج ليست حدوث المشاحنات والمشكلات، لكن القاعدة هي وجود اختلاف لا يؤثر في العلاقة الزوجية حيث تبقى سوية وطبيعية.
عواقب النكد: تقول د. نادية مرعي- أستاذة الأمراض الباطنة والقلب بطب الأزهر:- إن الحياة الزوجية المليئة بالنكد تؤثر بشدة في هرمونات المرأة والرجل، حيث يرتفع هرمون ( الكورتيزول ) نتيجة التوتر المستمر، وتصبح معدلات ارتفاع هذا الهرمون أسرع عند المرأة وهذا يؤثر في قدرتها على احتمال هذه الحياة النفسية، فضلاً عن أن النكد الزوجي يتسبب في الكثير من الأمراض لكلا الزوجين نتيجة الحياة التعسة.
وتمتد آثار النكد لتصل إلى الأبناء فيشعرون بالخطر والقلق والتوتر، ويقل إحساسهم بالاطمئنان. فضلاً عن إمكانية إصابتهم ببعض الأمراض؛ فقد عزت بعض الآراء العلمية الحديثة أحد أسباب الربو في سنوات الطفولة الأولى إلى الخلاف بين الأبوين الذي يستشعره الطفل حتى إن كان خافيًا.
حلول لفض الاشتباك:
فض المشاحنات بين الزوجين يتطلب اعتماد الأسلوب الذي يؤدي إلى حل الخلافات وليس تصعيدها وأُولى الخطوات هي ضبط النفس والتفكير في أسباب المشكلة ومناقشة الطرف الآخر والاستماع لرأيه بهدف فهم وجهة نظره وليس للرد عليه ومن ثم يأتي دور تقييم المشكلة بموضوعية وهذا يتطلب قدرًا من المرونة والتسامح في العلاقة للوصول إلى قناعة مشتركة وليس فرض رأي والإصرار عليه.
وفي حال عدم التوصل إلى قناعة مشتركة فلا بأس من تأجيل الموضوع لفترة، وقد يجدي الصمت في حال كون أحد الطرفين في مزاج عصبي أو عندما لا يمتلك رؤية واضحة للموضوع المختلَف عليه.
نصائح الخبراء للزوجات:
- لا تجعلي الابتسامة تفارق وجهك فهي رسالة غير مباشرة لحالة الحب والرضا وعدم الاستعداد للنكد. عوِّدي نفسك أن تطلبي الشيء أو تقولي ملاحظاتك مرة واحدة. فالإلحاح أمر مزعج بالنسبة إلى الزوج إلا إذا كانت الضرورة ملحة.
- نمِّي في نفسك روحَ الدعابة، فالأحمق هو الذي يجعل من التوافه مآسيَ.
- حاولي السيطرة على انفعالاتك في مواقف الغضب وتحدثي بهدوء عما يسبب لك الضيق، وتخيري وقتًا مناسبًا عندما يكون زوجك هادئًا متفرغًا.
- راعي ظروف زوجك المادية والنفسية وشاركيه في حل همومه ومشكلاته بدلاً من أن تضيفي إليه همومًا وأعباء جديدة وتَعَاونَا على تخطي العقبات.
- لا تقارني بين زوجك وأقرانه من أصحاب الدخل الأعلى أو المزايا المعيشية الرحبة فتلك المقارنة مجلبة للنكد.
Leave a Reply