عزيزي رئيس التحرير، لقد قرأتُ ما قرأت من الكتب المفيدة، وأحببت أن أختصر ما استفدته في هذه الأسطر القليلة، وعسى أن تكون فيها الفائدة لكل قارئ أو قارئة، مع شكري واحترامي لكم:
الحياة ليست نهرًا متصلًا من السعادة والهناء؛ إنما هي خليط من الشقاء والهناء والمسؤولية المشتركة بين الزوجين، في ظل أسرة جديدة لها التزاماتها وواجباتها؛ فكل له دوره المكمل لدور الآخر.
وعلى كل منهما أن يتفهّم الآخر، مع مراعاة انسلاخ النفس من النزعة الأنانية والمصلحة الذاتية، واعتبار أن الحياة الزوجية تكافؤ وتوازن وانسجام وتضحية من أجل تجنب المشاكل والخلافات التي تعصف بالحياة الزوجية وتجعلها في مهب ريح الطلاق.
وعلى الزوجين أن يراجعا نفسهما ومصارحة الآخر بما قد يرتكبه من أخطاء، وأن يحاولا حل مشاكلهما بهدوء بعيدًا عن الآخرين.
وعلى الزوجة أن تجعل مملكتها الصغيرة مليئة بالحب والتفاهم، وتحاول بالوسائل كافة جذب زوجها نحو هذه المملكة؛ فالزوج يبحث عن الشجرة الظليلة التي تحمي بفيئها الكثير، فيحلم أن يستكن بها وأن تقبل بحبها وأن تتلمس مواطن إعجابه وتتحسس مكامن سعادته، وتكون هي مصدرها، وعليها أن تجعل من بيتها جنة ومن نفسها مسرة كي يعود الزوج ولا ينطلق خارج الأسرة.
وأن يتحمل الزوج أعباء الأسرة ومسؤولياتها؛ فهي في أمسّ الحاجة إليه ورعايته ومشاعره الفياضة المحبة؛ حتى يترابط كل أفراد الأسرة وتتحقق السكينة والتفاهم والانسجام بين الزوجين.
وعلى الزوجين أن يكونا واقعيين في احتياجاتهما؛ فكل منهما إنسان لا يستطيع تحقيق الكمال في كل الواجبات والحقوق، فالكمال لله وحده؛ فلن يستطيع إنسان أن يفي بكل احتياجات الطرف الآخر.
ولكن التفاهم والمصارحة بجوانب النقص والكمال، وإحساس كلاهما بالآخر والتماس الأعذار، ومحاولة كليهما إسعاد الآخر بقدر استطاعته بتحقيق الوئام تهاجر الخلافات والنزاعات وتحل محلها السعادة والأمان الزوجي.
إن العلاقة الزوجية ليست فقط مشاعر الحب والعاطفة؛ لكنها أيضًا الاستعداد للتضحية والتصرف لمصلحة الطرف الآخر على حساب المصلحة الشخصية. فالمشاعر هامة وأساسية؛ إلا أن أعمال الحب من التضحية المتبادلة من شأنها أن تحافظ على العلاقة الزوجية السعيدة والدافئة بلا طلاق.
الزواج ليس مجرد أقدس رابطة بين شخصين فحسب؛ وإنما هو رابطة اجتماعية تنشأ على أثرها مجموعة من العلاقات يشترك فيها المجموع العائلي (عائلة الزوج وعائلة الزوجة) والأقارب والأحساب والأنساب ذوو الصلة بالطرفين، والأبناء الذين يمثلون ثمرة هذه العلاقة وتتحقق بهم قرة العين التي هي الغاية الأسمى للزواج؛ وصدق الله في كتابه الكريم “ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين”، ومن هذه يتم المحافظة على السلالة واستمرارية الخلافة في الأرض.
فللزواج أهداف متعددة غير الجنس والإنجاب؛ منها:
-
إقامة العلاقات العاطفية المتبادلة وتحقيق السكن والمودة.
-
الرعاية المتبادلة للزوجين من خلال تنظيم الحياة.
-
تنظيم الأنشطة الترفيهية المناسبة إلى وقت الفراغ.
-
إيجاد العلاقة المناسبة لتحقيق الدعم والتشجيع والتأييد.
-
الصلة الجنسية.
-
إنجاب الأولاد.
-
تكوين الأسرة.
-
تنمية القدرة المتجددة على حسن التكيف مع المتغيرات الحياتية.
-
إتاحة الفرصة لمتابعة التعلم واكتساب الخبرة في الحياة.
وتوجد مقومات للزواج الناجح:
-
الدين: كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم: “إن جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه؛ إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير”.
-
الأمانة: وهي يقظة الضمير الأخلاقي فيما بين العبد وربه، وبعدم الأنانية تتحقق الثقة؛ يعني الاستقرار النفسي بين الزوجين.
-
الإخلاص: ويعني خلو بيت الزوجية من الغش والخداع، والنفاق بمثابة نقاء العلاقة الزوجية وصفائها.
-
حسن الخلق: وهو التحلي بكريم الصفات وطيب الأقوال والأفعال وصفوة الفضائل في السلوك والخصال، وكما قال النبي عليه أفضل التسليم وأتمه: “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق”.
-
قوة الرابطة: ويقصد بها قوة درجة التعلق في الزوجين ببعضهما البعض.
-
الثقافة الدينية والزوجية: وتعني الثقافة الدينية فهم الزوجين لدينهما ومعرفة حدود الله والحلال والحرام والطيب والخبيث وحقوق كل منهما على الآخر.
Leave a Reply