من أسس العشرة والعلاقة بين الزوجين طبقا لأحكام الشريعة الإسلامية.
الحمد لله…
أولا: روى ابن السني في (عمل اليوم والليلة:388) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّ نَفْسٍ مِنْ بَنِي آدَمَ سَيِّدٌ ، فَالرَّجُلُ سَيِّدُ أَهْلِهِ ، وَالْمَرْأَةُ سَيِّدَةُ بَيْتِهَا» وصححه الألباني في (سلسلة الأحاديث الصحيحة:2041) على شرط مسلم.
والرجل سيد أهله داخل البيت وخارجه، فله القوامة والولاية على البيت وأهله حاضرا وغائبا، مسافرا ومقيما، صحيحا ومريضا.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
” قَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ : “الزَّوْجُ سَيِّدٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ . وَقَرَأَ قَوْله تَعَالَى : {وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ}” . وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: النِّكَاحُ رِقٌّ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ عِنْدَ مَنْ يُرِقُّ كَرِيمَتَهُ. وَفِي التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : «اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا فَإِنَّمَا هُنَّ عِنْدَكُمْ عَوَانٍ [ يعني:أسيرات]» فَالْمَرْأَةُ عِنْدَ زَوْجِهَا تُشْبِهُ الرَّقِيقَ وَالْأَسِيرَ ، فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَخْرُجَ مِنْ مَنْزِلِهِ إلَّا بِإِذْنِهِ سَوَاءٌ أَمَرَهَا أَبُوهَا أَوْ أُمُّهَا أَوْ غَيْرُ أَبَوَيْهَا بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ ” انتهى من ( مجموع الفتاوى:32/ 263) .
وقال ابن كثير رحمه الله تعالى: ” الرَّجُلُ قَيّم عَلَى الْمَرْأَةِ، أَيْ هُوَ رَئِيسُهَا وَكَبِيرُهَا وَالْحَاكِمُ عَلَيْهَا وَمُؤَدِّبُهَا إِذَا اعوجَّت ” انتهى من (تفسير ابن كثير:2/292) .
أما قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث : « وَالْمَرْأَةُ سَيِّدَةُ بَيْتِهَا» فهذه سيادة نسبية، فهي سيدة على أولادها، وعلى خدمها، فلها السمع والطاعة عليهم، وليس لهم مخالفتها، ما لم تأمر بمعصية الله تعالى.
يدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم في أول الحديث : «كُلُّ نَفْسٍ مِنْ بَنِي آدَمَ سَيِّدٌ» فهذه سيادة نسبية، ولو لم يكن للرجل من يسوده، فهو سيد نفسه وجوارحه ومسئول عن ذلك، كما قال الله تعالى: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} [الإسراء:36].
قال المناوي رحمه الله تعالى: ” ( كل نفس من بني آدم سيد فالرجل سيد أَهله) أَي : عِيَاله من زَوْجَة وَولد وخادم … وَمن لَا أهل لَهُ وَلَا زوج سيدٌ على جوارحه ” انتهى من (فيض القدير:5/47) .
وهذه السيادة هي مسئولية ، يسأل عنها الإنسان يوم القيامة ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ » رواه البخاري (7138)، ومسلم ( 1829). وهذه السيادة هي سيادة مقيدة ببعض الأشخاص، أم السيادة المطلقة التي تكون على عموم المخلوقات فهي لله تعالى وحده.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: ” لا يستحق أحد أن يوصف بالسيادة المطلقة إلا الله عز وجل فالله تعالى هو السيد الكامل السؤدد، أما غيره فيوصف بسيادة مقيدة مثل سيد ولد آدم، لرسول الله صلى الله عليه وسلم، والسيادة قد تكون بالنسب، وقد تكون بالعلم، وقد تكون بالكرم، وقد تكون بالشجاعة، وقد تكون بالملك، كسيد المملوك، وقد تكون بغير ذلك من الأمور التي يكون بها الإنسان سيدا، وقد يقال للزوج: سيد بالنسبة لزوجته، كما في قول الله تعالى: {وألفيا سيدها لدى الباب } ” انتهى من (مجموع فتاوى ابن عثيمين:3/109).
ثانيا: القوامة من الأمور التي خص الله تعالى بها الرجل دون المرأة، والمقصود بها أن الزوج أمين على زوجته، يتولى أمرها، ويقوم عليها آمراً ناهياً كما يقوم الوالي على رعيته، وليس للمرأة قوامة على الرجل، ولو كانت هي التي تنفق عليه.
وسيادة المرأة في بيتها لا تتعارض مع قوامة زوجها ، لأنها – كما سبق- إنما تسود أولادها وخادمتها فهي سيادة مقيدة ببعض أمور البيت، أما سيادة البيت على سبيل العموم فهي للزوج.
ثالثا: لم يجعل الشارع القوامة بيد الرجل بصورة مطلقة، بحيث يفعل الرجل بزوجته ما يشاء، وفق رغباته وهواه، وإنما قيد هذه القوامة بضوابط وقيود ، فمن هذه الضوابط:
- وجوب أداء الزوج لواجباته تجاه زوجته ، من المهر والنفقة والكسوة والسكنى .
- وجوب معاملة الزوج لزوجته بالمعروف {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء:19].
- أمرها بطاعة الله تعالى، ونهيها عن معصية الله تعالى.
- تأديبها إذا نشزت كما أمر الله تعالى، ولا يتعدى حدود الله تعالى معها، فلا يقبح الوجه ولا يضرب فيؤذي، ولا يهجر إلا في البيت.
- ألا يستخدم قوامته عليها فيذلها ويقهرها، ويسفه رأيها، ويتعرض لأهلها بالسوء بالفعال أو المقال، ويؤذيها أمام أولادها، فيسبها ويضربها أمامهم.
فهذه القوامة هي ولاية من الولايات الشرعية للرجل على أهل بيته ، فتقيد بما تقيد به الولايات، من وجوب إصلاح من تحت ولايته والإحسان إليهم والرفق بهم وأداء حقوقهم ، والعمل على مصلحتهم …. إلخ.
رابعا: لا تجوز مخاطبة الكفار والمنافقين مخاطبة إجلال وإعظام ، كأن يقال لأحدهم : ” السيد فلان ” أو ” سيدنا ” أو ” سيدي ” ونحو ذلك ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : «لاَ تَقُولُوا لِلْمُنَافِقِ سَيِّدٌ ، فَإِنَّهُ إِنْ يَكُ سَيِّدًا فَقَدْ أَسْخَطْتُمْ رَبَّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ» رواه أبو داود ( 4977 ) ، وصححه الألباني في (صحيح سنن أبي داود).
Leave a Reply