ليس من الميسور تحقيق السعادة الزوجية المنشودة من دون حب متبادل بين الزوجين، فالحياة الزوجية التي تخلو من هذا
الحب المتبادل حياة فارغة جوفاء، يسودها جفاف الحس وبلادة المشاعر وجلافة الذوق. ومن هنا يرشدنا الخالق عز وجل إلى هذا الأساس المتين، الذي تقام عليه أركان الحياة الزوجية السعيدة، في قوله تعالى: “وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ” فالحب عنصر جوهري ورباط متين. يعمق الإحساس بالانتماء الأسري بين زوجين، يعيشان تفاصيل هذا الحب في حياتهما اليومية.
ولكي يتحقق ذلك، فله موجبات على كل زوجة وزوج القيام بها نحو الآخر، حتى ترفرف أجنحة السعادة عليهما وسنحاول
هنا الإشارة إلى أمثلة منها:
* عليك أيتها الزوجة المحبة لزوجها، التحلي بالعديد من الصفات والخصال الحميدة، من طاعة وإخلاص ووفاء وتضحية
وتواضع وقناعة ورضا، وتنسمي هذه الخصال والصفات من قول النبي صلى الله عليه وسلم، عندما سئل أي النساء خير، قال:”التي تسره إذا نظر. وتطيعه إذا أمر ولا تخالفه في نفسه، ولا ماله بما يكره”.
* انشري الذوق الرفيع والجمال الهادئ على بيتك، بالأناقة والنظافة والنظام والذوق اللطيف، فكل هذه الأمور تديم روابط
المحبة مع زوجك، وتمنح حياتكما الزوجية قوة ومناعة. ومن هنا نتذكر وصية الأم العربية لابنتها بهذا الجانب المهم الذي به
الزوجة قلب زوجها “أي بنيتي لا تقع عينه منك على قبيح ولا يشم منك إلا أطيب ريح”.
أشعري زوجك بالاستقرار الأسري، بخلق بيت يمنحه الشعور بأن له جذورا يربط بها وقلبا محبة يتجاوب معه في كل مراحل
حياته
* أسمعي لزوجك بلطف ورقة وسعة صدر وهدوء وعذوبة، خصوصا في أوقات أزماته، ولا تكوني سلبية معه، فالسلبية تجعل
الزوج يضيق ويتبرم بالحياة معك ويملها، بينما مشاركتك له بإيجابية وصبر وإخلاص تجعلك مستودع سره، فأنت الزوجة المحبة والصديقة المخلصة، ولك ولسائر النساء في السيدة خديجة رضي الله عنها -نعم المثل في الزوجة المحبة الوفية. التي تثق بزوجها وتقويه وتعينه على تحمل نوائب الدهر وتؤازره ماديا ومعنويا، وقد بادلها رسول الله صلى عليه وسلم إخلاصا ووفاء حتى بعد وفاتها، فقد ظل يذكرها بالخير أمام الناس، ويقول: “إني رزقت حبها” فاعتبر حبها رزقا ونعمة وأعلن ذلك الحب على الملأ .
* ابتعدي عما يعكر صفو حياتك الزوجية من غير شديد وعتاب مفرط وشك ونحو ذلك من أمور تجعل من الزوج يفر من سكن الزوجية، ملتمسا الهدوء والراحة بعيدا عنك. فقد ذكر جعفر بن أبي طالب أنه حذر ابنته عند زواجها من خطورة هذا الأمر قائلا: “إياك والغيرة، فإنها مفتاح الطلاق. وإياك وكثرة العتب فإنه يورث البغضاء”.
* أشعري زوجك بالاستقرار الأسري، بخلق بيت يمنحه الشعور بأن له جذورا يربط بها وقلبا محبة يتجاوب معه في كل مراحل
حياته، فكوني معشوقته في شبابه ورفيقته في كهولته، وممرضته في شيخوخته.
* عامليه برفقة ولطف، فهذا ما يسعده ويمتص تعبه وهمومه، فإذا خرج من البيت ودعيه ببسمة واستقبليه ببسمة، حتى
يسارع عائدا ليسكن تحت أغصانك، ولا تنسي أن الزوج هو الرفيق والانيس في الحياة، فعليك أن تقطفي من عمر الزمان معه
عنها التي تغلغل في شغاف قلبها زوجها رسول الله صلى عليه وسلم، فتقول:”كان رسول الله صلى عليه وسلم. يدخل رأسه وهو في المسجد فأرجله”. فهو يسلم لها رأسه لتمشط شعره بيدها، وتقول رضي الله عنها “كنت أشرب فأنواله فيضع فاه على موضع في”.أي جمال هذا وأي مشاعر جميلة في هذه العلاقة الزوجية الراقية.
* حافظي على حيويتك الذهبية بالقراءة والاطلاع المفيد لتصلي إلى مستوى رفيع من الفكر الناضج، الذي يحقق التوافق
الفكري والنفسي والاجتماعي مع زوجك الذي سيسعد بزوجة ناضجة في تصرفاتها وأفعالها، مستأنسا بحديثها وجميل آرائه.
أما أنت أخي الزوج الكريم فلا يقل دورك أهمية عن دور الزوجة في تحقيق هذا الحب والوئام مع شريكة حياتك، ولكي يتحقق هذا الحب فعليك:
* إشاعة جو من البهجة والمرح على بيت الزوجية، وليكن قدوتك في ذلك رسول الله صلى عليه وسلم فقد وصفته السيدة عائشة في بيته فتقول:”كان ألين الناس ضاحكا بساما”، “وكان يسلم على أهل بيته”.
* تحل بالمشاعر الفياضة والأحاسيس النبيلة تجاه زوجتك وقد علمنا النبي صلى الله عليه وسلم أبسطها في قوله: “اللقمة تضعها فيّ امرأتك صدقة”.
* شارك زوجتك في أعباء المنزل ورعاية الأبناء، كي تكون خير قدوة ونبراس لهم في المشاركة والتعاون، فعندما سئلت السيدة عائشة -رضي الله عنها – ما كان النبي صلى عليه وسلم يصنع في بيته فقالت: “كان في مهمة أهله” أي كان يساعدهم في الأعمال المنزلية. فهذا من الأشياء التي تجعلك قريبا من زوجتك، محبوبا لها، ويقلل من حواجز الرهبة بينكما.
* اصفح عن هنات زوجتك وسامحها إذا ما أخطأت، واحذر من توجيه اللوم لها أمام الآخرين فالمرأة حساسة بطبعها، وإن كان
هناك ما يستوجب اللوم والعتاب يكون بينكما بالحوار والنصح، اللذين يؤذيان كرامتها.
* لا تقلل من قدر زوجتك بإظهار عيوبها أمام الآخرين، وقد علمنا النبي صلى عليه وسلم أن لكل امرأة مميزات وعيوبها،فيقول: “لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها آخر”. فهذا قمة الإنصاف والرحمة إذ لا توجد امرأة كاملة، أو رجل
كامل، فإذا لم يعجبك شيء منها فانظر إلى مزايا أخرى فيها.
* قدم هدية ولو شيئا بسيطا. لزوجتك، فإن مثل هذه الهدية، تشعرها بأنك مهتم بها، ومفتاح مهم إلى قلبها، وغذاء لهذا الحب
الزوجي.
وفي النهاية نقول إن الحب الزوجي هو النبع الرقراق، الذي يملأ حياة الأسرة بالهناء والعطاء وحرارة العاطفة، التي لا تعرف
العقم الوجداني ولا الجمود العاطفي، الذي يزلزل أركان الأسرة ويقضي على دعائم استقرارها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بواسطة :عبد الرحيم الفرحي.
Leave a Reply