هل تسمحين لنفسك أن تبحثي وراء شريك حياتك؟
هل تحاولين الاطلاع على مكالماته أو الرسائل الخاصة به؟
هل تحاولين البحث في أوراقه وملابسه؟
ربما تلجئين إلى ذلك حرصًا منك على حياتك الزوجية، أو للتأكد من سلوك الطرف الآخر؛ خاصة بعد صدور بعض الإيماءات التي تثير الريبة والشك في نفسك، وتضطرك إلى فعل هذا الأمر، الذي قد يخلق العديد من المشكلات الأسرية؛ لأنك عندما تكتشفين خيانة زوجك لك فستبدئين بإثارة المشاكل، التي قد تنتهي بالطلاق، وإذا لم تكتشفي شيئًا فحتمًا ستخسرين زوجك الذي سيفقد الثقة فيك؛ ما يجعلك تقفين حائرة مكتوفة الأيدي متسائلة: هل من حقي البحث وراء زوجي أم أن هناك خصوصية له لا يجب اقتحامها؟ وما حدود هذه الخصوصية؟
جدل الخصوصية
بعض السيدات اللائي استطلع “رسالة المرأة” رأيهن أكدن أنه يجب على كل من الزوجين احترام خصوصية الآخر، واعتبرن البحث وراء الشريك الآخر، سواء بالاطلاع على مكالماته أو رسائله، عملًا غير أخلاقي؛ فيما رأى البعض الآخر أن الزوجة من حقها التأكد من سلوك زوجها عندما تصدر منه إيماءات مريبة، ويكون هو من دفعها لذلك، وعليها متابعة زوجها؛ ولكن بذكاء اجتماعي، حتى لا تشعل النيران على حد قولهن.
تقول (أميرة.أ): أرفض التلصص من قبل الزوج أو الزوجة على الآخر بحجة الغيرة، وأنا لا أسمح لزوجي أن يبحث في حقيبتي، أو يطلع على مكالمات المحمول الخاصة بي، وأرى أن هذا عمل غير أخلاقي، قد يؤدي إلى انفجار وتدمير الأسرة، كما لا أسمح لنفسي أن أبحث وراءه، فكل منا له خصوصياته التي يجب أن تحترم.
وتابعت قائلة: قبل أن يكون الزوج طرفًا في أسرة؛ فهو إنسان له حريته، والزوجة كذلك إنسان لها أحاسيسها وخصوصيتها وأسرارها، مشيرة إلى أن الزواج الذي يقوم على الحب والانسجام والتكافؤ بين الزوجين يعطي كلا من الزوجين إطارا أكبر من الخصوصية.
ووافقتها الرأي (خديجة. ط) التي قالت: كل شخص منا له خصوصيته قبل الزواج وبعده، والتي يجب أن تحترم، ويجب أن يكون للزوجين مطلق الحرية في إطلاع الطرف الآخر على بعض من هذه الخصوصية أو حجبها عنه؛ فللزوجة خصوصية مع أهلها وصديقاتها، وكذلك للرجل أسراره مع أصدقائه، مشيرة إلى أن الخصوصية جزء أصيل داخل كل منا مهما كانت درجة حبه وثقته في الآخر، ولكن الأمر يبقى نسبيا، وأنه إذا كان البوح بهذه الخصوصية لا ضرر منه فلا بأس من البوح بها.
أما (رغده. ك) فتقول: حقيقي لكل شخص خصوصيته، ولكن هناك استثناءات، ولكل قاعدة شواذ، فعندما تشك الزوجة في تصرفات زوجها من حقها أن تفتش وراءه، ويكون هو من يدفعها لذلك، وأنا لا أسمح لنفسي بالبحث وراء زوجي، ولا أفكر في اقتحام خصوصياته، وفي نفس الوقت لا أقبل أن يكون لديه الكثير من الخصوصيات التي لا أعلم عنها شيئا، وأرى أنه على الزوجة متابعة زوجها ولكن بذكاء اجتماعي حتى لا تشعل النيران.
وبدورها أشارت (تقوى. ك) إلى أن الزواج ما هو إلا شركة بين الاثنين، أساسها الانسجام والمودة والتراحم، وأنه إذا استطعنا أن نفهم هذه المعاني وندركها سيصبح موضوع الخصوصية ذا مساحة صغيرة في حياة الزوجين، وتتحقق راحة البال لكل منهما.
وتابعت قائلة: لا أنكر أن هناك أمورًا إذا باحت الزوجة أو الزوج بها قد تؤدي إلى إفساد حياتهما الزوجية، فالمصارحة بالخصوصيات أحيانا تهدد الحياة الزوجية.
وعلى الجانب الآخر، رأت (مروة. ع) أنه لا توجد خصوصية بين الأزواج، وأنه يجب أن يكون هناك مصارحة بينهم في كل شيء، باستثناء ما يتعلق بعلاقة الزوج بأهله وعلاقة الزوجة بأهلها، وهذا من قبيل الحب والرضى وليس الفرض، وعلى الزوج أن يكون قادرًا على تفهم هذا الأمر، مشيرة إلى أن هناك بعض الرجال الذين يطلبون من زوجاتهم إعلامهم بكل شيء حتى أدق التفاصيل المتعلقة بعلاقتهن بأهلهن، وإذا رفضن يعتقدون أنهن يخفين أمرًا مريبًا؛ مما يجلب المشاكل للطرفين.
وأضافت قائلة: زوجي يطلع على بريدي الإلكتروني، وكذلك كل ما يتعلق بي، ولا أرى أنه تعدٍّ على خصوصياتي.
نبع للمشاكل
فيما أشارت الدكتورة ليلى الهلالي، المستشارة الأسرية، إلى أن عدم معرفة بعض الأزواج والزوجات بحقوقهم وواجباتهم تجاه بعضهم البعض فيما يتعلق بحق الإطلاع على الأمور الشخصية هو ما يجلب المشاكل للزوجين؛ فأغلب المشاكل الزوجية تنبع من عدم احترام الأزواج لخصوصية بعضهم البعض، وهذا يجعل طرفي العلاقة خاسرين.
فالزوجة عندما تبحث وراء زوجها فهي لا تعلم أنها ربما تجاوزت الخط الأحمر، الذي ينذر بوقوع خطر يهدد حياتها الزوجية؛ لأنها قد تكتشف شيئًا يضايقها ويجعلها تثير المشاكل، أو لا تكتشف شيئًا؛ لكن يكتشف زوجها أمرها ويفقد ثقته فيها وتخسره، مؤكدة أن إصرار الزوجة على معرفة تفاصيل زوجها كافة أمر يقلقها أكثر مما يريحها، وأن الجوال ساهم بشكل أو بآخر في هدم الكثير من الأسر بعد أن أعطى الزوج الحق لنفسه في تفتيش جوال زوجته، والاطلاع على مكالماتها ورسائلها؛ ما يشعرها بعدم الثقة ويثير الشك من جهته، محذرة من لجوء الزوج للتشديد على زوجته وإلغاء شخصيتها، وإنكار حقها في الخصوصية؛ لأن هذا يجعلها دائمة البحث عن مخرج تتنفس من خلاله، بحسب جريدة الرياض.
ورأت الهلالي أن الاعتدال في التعامل والاحترام المتبادل بين الزوجين أهم شيء في العلاقة، وأن الحياة الزوجية الناجحة هي التي تقوم على احترام الطرف الآخر، وإعطائه حقه في الخصوصية، والتعامل معه وفق حدودنا المشروعة ودون مغالاة، وأن كشف تفاصيل حياتنا الصغيرة كافة وغير المهمة -وأحيانًا المهمة- قد تقلق الشريك الآخر؛ ما يخلق المشاكل الأسرية.
الثقة تصنع السعادة
هل هناك خصوصية بين الزوج وزوجته؟ وما حدود تلك الخصوصية؟
تقول رندة روحي، متخصصة اجتماعية، إن الثقة بين الزوجين هي التي تصنع السعادة والتفاهم والانسجام بينهما، وكلما زادت مساحات الثقة بين الزوجين زاد رباط الحب والتفاهم والانسجام بينهما، وحال فقدها تتحول الحياة إلى جحيم لا يطاق، مشيرة إلى رفض الشريعة لتجسس أي طرف على الآخر وتخوينه؛ إلا إذا توفرت البينة التي تحمل إمارات تدل على ذلك، وهو ما يضطر أحد الطرفين لمراقبة الآخر للتأكد من سلوكه؛ شريطة ألا يكون الشك والغيرة طبعين في صاحبهما؛ لأن هذا الأمر سيخلق مشاكل أسرية عديدة تنعكس بالسلب على أفراد الأسرة كافة، بحسب جريدة الدستور الأردنية.
وترى روحي أن واقع الحياة اليوم يفرض على الناس وجود خصوصية معينة، وأن الوضع يختلف بين الزوجين، ويتوقف على طبيعة العلاقة بينهما، ونفسية كليهما وتفكيره.
Leave a Reply