لا تخلو الحياة الزوجية من المشاكل سواء كانت كبيرة أو صغيرة وربما بدون هذه الشجارات تكون الحياة غاية في الرتابة والملل ولكن المشكلة تكمن في أن تسبب هذه المشاحنات خللا في العلاقة الزوجية بعد ذلك.
قد يتعرض الإنسان في حياته لكثير من المشاكل في مختلف ميادين الحياة، إلا أن المشكلة الأولى التي تحدث بين الزوجين تكون مخيفة جدا لكلا الزوجين، حيث إنما قد تعاهدا على بدء حياة زوجية مشتركة وليس من السهل الخروج عن الالتزام في حالة وصول المشكلة لطريق مسدود.
أشارت الدراسات إلى أن كيفية قيام الزوجين بحل المشاكل الزوجية التي تنشب بينهما هي التي تحدد إمكانية الاستمرار في الحياة الزوجية ومد عمرها.
قد يتحمس أحد الزوجين لعلاج مشكلة زوجية، ويبذل كل الأسباب التي يعرفها ولكن دون جدوى، حيث لا يحدث التغيير المتوقع للطرف الآخر، فهنا يصاب بالإحباط، وهذا الإحباط سماه القرآن اليأس، وحذر منه، لأن الأصل في المسلم أن يكون متفائلا دائمًا، قال تعالى: ﴿ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ﴾ (سورة يوسف : 87).
ولكن علماء النفس والسلوك تحدثوا عن الإحباط وآثاره فقالوا: (الإحباط مجموعة مشاعر مؤلمة تنتج عن عجز الإنسان عن الوصول إلى هدف ضروري لإشباع حاجة مُلحة عنده).
فمن الناس من يتجاوز الإحباط ويستثمره لتحقيق أهداف أكبر، ومنهم من يصرعه الإحباط ويكون سببًا لمرض نفسي يصيبه.
إن الشخصية المتصلة بالله تعالى والواثقة بقوة العزيز الحكيم والعارفة بلطف الله وحكمته ورحمته في القدر، لا يصيبها الإحباط أبدًا خصوصًا أنها تتعامل مع الأحداث في الدنيا على أنها ابتلاء وامتحان واختبار من الله عز وجل، وتستمتع بالثواب الذي أعده الله للصابرين.
وعلى الزوجين المحاولة والتجربة، وبذل الأسباب للحل والعلاج، وليعلم كل من الزوجين أن انتظار الفرج عبادة.
ويجب البحث عن الحلول المناسبة للمشكلة، وأسوأ شيء عند انتهاء النزاع أنها تبقى بدون حل، والطريقة المثلى لحل الخلاف بين الزوجين هي:
- إن أهم ما يطلب في المعالجة الصبر والتحمل ومعرفة الخلافات في المدارك والعقول، والتفاوت في الطباع مع ضرورة التسامح والتغاضي عن كثير من الأمور.
- يجب البعد عن الغضب، فالغضب أساس الشحناء والتباغض، وتذكر الزوجان أن ما بينهما من روابط ومحبة أسمى بكثير من أن تدنسه لحظة غضب عابرة، أو ثورة انفعال طارئة.
- معظم الأزواج يفقدون بعض حبهم عندما ينشأ بينهما أي خلاف، لأنهم يعرضون مشاكلهم بصيغة الأوامر وعدم احترام وغضب. ثم يبحثون عن حل يرضي أحد الطرفين ولا يرضي الآخر، هذه ليست الطريقة التي تحل بها المشاكل وليست بالتأكيد الطريقة التي يحافظان بها على حبهما.
- حسن الاستماع: يحتاج الرجال إلى أن يتعلموا حسن الاستماع لمشكلات الزوجات دون إظهار الضجر أو تسفيه الشكوى بل بمزيج من الاهتمام والود. هذا الشعور الطيب يحل نصف المشكلة، وبالنسبة للزوجات فليتهن يبذلن جهدًا في عدم نقد الأزواج أو الهجوم عليهم.
- عدم التركيز على المسائل التي تثير المشكل بين الزوجين مثل: تربية الأبناء أو مصروف البيت والأعمال المنزلية، بل التركيز على نقاط الاتفاق والتوافق بينهما.
- لا شك أن الكلمات الحادة والعبارات العنيفة، لها صدى يتردد باستمرار حتى بعد انتهاء الخلاف، علاوة على الصدمات والجروح العاطفية التي تتراكم في النفوس، فيجب البعد عن تلك العبارات والصوت العالي أيضًا.
- لكي يحاول الزوجان تجنب أكبر عدد من الخلافات الزوجية يجب عليهما في حالة وصول النقاش إلى مرحلة معقدة وإلى خلاف زوجي حتمي يجب عليهما أن يتوقفا عن الحديث في الموضوع وتأجيله لوقت آخر يكونان فيه أكثر هدوءًا وقادرين على التحدث بمنطق أكثر.
- على أحد الزوجين أن يحتفظ بخط رجعة في خلافاتهما الزوجية لحماية هذا الزواج مهما استفحلت الأمور بينهما.
نصيحة أخيرة: إن أقوى الزيجات ثباتًا معرضة لبعض الهزات القاسية، لذا على الزوجين أن يقررا مهما كانت الظروف صعبة والعلاقات متوترة أن يتمسكا بالعلاقة الزوجية مهما بلغت تلك المشاكل من سوء، لأن التوقف عن التعلق بالأمل والتمسك بوسائل المحبة إنما يعني وضع نهاية مؤسفة لتلك العلاقة التي شرعها الله سبحانه وتعالى لإعمار هذا الكون.
Leave a Reply