«أزواج غرباء» يعيشون تحت سقف واحد لا يجمعهم سوى الأبناء!

الحب وحده هو ما يعيد المياه إلى مجاريها

زوج وزوجته على شاطئ البحر في بداية زواجهما سرعان ما يتبدل الحال بعد ذلك إلى لغة عدم التفاهم

الأحساء، تحقيق ـ أسماء المغلوث

بعد سنوات من العشرة الزوجية، قد يتحول الزوج ورفيق العمر إلى شخص غريب في الدار، بل من الممكن أن تتحول الزوجة كذلك إلى إنسانة غريبة، لا يجمعها مع زوجها أي تفاهم، فمن المسؤول عن تلك الغربة؟، وكيف نستطيع أن نعيد الحب والوئام إلى نفوس الغرباء؟، حتى تسود المودة والرحمة فيما بينهم، والتي حث عليها ديننا الحنيف.

 

 

 

 “الرياض” رصدت بعض الحالات لزوجات عبرن عن معاناتهن الشديدة في غربتهن الزوجية، فكان هذا التحقيق:

 

 

 

تقول “فاطمة” موظفة : إنها تزوجت بعد قصة حب تعجب لها الأهل والأصدقاء، فهو أحد أبناء العائلة الكبيرة، وقد اخترته موظفاً بسيطاً وبنيت معه بيت الزوجية، وكنت حقيقةً سعيدة بقصة الكفاح الجميلة، حتى اكتملت فرحتنا بزواجنا وأنجبنا ابننا “صالح”، ولكن بعد فترة من الزواج وجدت زوجي مشغولاً لا يشاركني أحلامه ولا آماله مثلما كان يفعل من قبل، تصورت أن هناك مشاكل تعتريه في عمله، ولكن بعد بحث ودراسة لم أجد شيئاً يستحق ذلك، مضيفةً تخيلت أن هناك امرأة أخرى قد اقتحمت حياته وشغلته عن الزوجة والحبيبة، لكن سرعان ما تبدد الخيال بالواقع الذي لم يسفر عن شيء، اقتربت منه لأفهم حقيقة موقفه ليجيبني ببرود ليس من حقك السؤال، دعيني وشأني، ومردداً: هل قصرت في إجابة مستلزماتك؟، أعاتبه بأن الحياة ليست أكلاً وشرباً، بل قرب وجداني، وأسأله: لماذا تبحر بعيداً عن الشاطئ؟، لماذا أنت غريب في بيتك؟، لماذا تعاملني معاملة الغرباء لا الأحباب؟، لذلك فكرت أن أبعث بحيرتي لأصحاب حلول المشاكل الأسرية، لكنني ترددت، فأنا في حيرة من أمري.

 

 

 

مكتئب وعصبي

نفس الموقف تعرضت له “فوزية” مع اختلاف الوضع، فزوجها أصبح شارد الذهن لا يهتم بنفسه كما كان في بداية حياتهما الزوجية، بل ودائماً حزين ومكتئب وعصبي على أولاده، وخصوصاً عندما يطلبون منه أن يتحدث معهم أو يشاركهم نزهة في مكانٍ ما، وحينما أقول له ماذا جرى؟، يجيبني بصراحة دعيني وشأني، وكأن حاله ليس حالي وشأنه ليس شأني، ثم يقول لي: هل قصرت في حقك؟، وتجيبه: لا يا حبيب القلب لم تقصر، ولكنك أصبحت غريباً، فلماذا الغربة في بيتك؟، مبديةً حزناً كبيراً بقولها: إنني جداً حزينة لما وصل إليه حال زوجي؟.

سوق الأسهم

وتقول “بهية” متزوجة منذ عشر سنوات : إنني لم أكن أتخيل أن زوجي الذي عشت معه السنوات الماضية سوف يتغير، بل إنني أشعر مع كل يوم جديد أنه ليس زوجي السابق، وليس الذي تعودت على كلماته الرومانسية ومشاعره اللطيفة، وأتساءل بيني وبين نفسي: هل خسارته في سوق الأسهم قد لعبت دوراً في حالة التغيير التي حدثت له؟، أم أن هناك أسباباً أخرى، هل بات مثل البعض من الأزواج الذين يلمحون للزواج الثاني؟، أم أن مشاكل الأبناء وطلبات البيت التي باتت كثيرة ساعدت على تغيير نفسيته؟، حقيقة لقد تغير زوجي وبات غريباً في بيته وسكنه.

رباط وثيق

وتوضح “فاتن سلمان” أخصائية اجتماعية أن الزواج رباط وثيق والدعامة الأساسية فيه الحب، فمهما قابل الحياة الزوجية من عثرات يمكن التغلب عليها بالحب، وعندما أتحدث عن الحب هنا لا أقصد الحب الرومانسي، بل الحب الذي ينشأ ويتولد مع العشرة، والذي يقرب الزوجين كلما واجهتهما المشاكل، فبالتغلب عليها يقوى الحب ويزداد الترابط، مضيفةً الرجل الشرقي دائما في بداية العلاقة الزوجية يستفيض في الحديث مع زوجته ليكسب ودها، ثم يتناقص حديثه واهتمامه بها تدريجياً، فالرجل يعتقد أن البيت للراحة والاستجمام، فليس هناك داعٍ للحديث والفضفضة مع زوجته، لأنه فعل ذلك مع الزملاء في العمل أو الاستراحة، مشيرةً إلى أنه لكسر روتين الحياة بين الزوجين ولإعادة المشاعر الرومانسية، على الزوجين المشاركة في الاهتمامات والشعور بالمسؤولية في السراء والضراء، وهذا يعتمد على نضج الزوجين عقلياً واجتماعياً، فأحياناً يجد أحد الطرفين نفسه وقد زادت عليه الأعباء سواء في عمله أو لوجود بعض المشاكل في المنزل، فينسحب ويترك الطرف الآخر يواجه المشكلات وحده، وهو ما يتطلب أن يشعر كل طرف بمسؤوليته تجاه الآخر حتى لا تحدث الفجوة.

تزداد أواصرها

وتشدد “فاتن سلمان” أنه لابد أن يسعى الزوجان لتنمية الصداقة بينهما، والتي يمكن التغلب بها على كل المشاكل، فمن خلالها تدوم العلاقة الزوجية وتزداد أواصرها، وبالتالي تتخطى جميع المشاكل أو حتى الفتور في العلاقة بين الطرفين، لافتةً إلى أهمية شعور الزوجين بالأمان وهنا لا نقصد الأمان المادي فحسب، بل اطمئنان المشاعر تجاه بعضهما البعض طوال العمر.

الماضي واليوم

وتقول “غادة عبد الرحمن” أخصائية نفسية : إن هناك اختلافاً في صورة الأنماط بين الزوجين حالياً عنها في الماضي، فالزواج قديماً كان يتم بين أشخاص معروفين لبعضهم، كالأقارب والجيران والأصدقاء، وبذلك يكون بينهما التقارب في القيم والعادات والتقاليد الثقافية، أما زواج اليوم فنتيجة لتغير الظروف الاقتصادية والمجتمع المعقد، تنشأ الأسرة من خلال السماع عن هذه الفتاة، أو لترشيح الأسرة لها من خلال علاقتها بشقيقة الزوج أو إحدى معارفه، ويتم الزواج فجأة ليجد الزوجان نفسيهما وجهاً لوجه دون معرفة حقيقة بعضهما البعض، وغالباً ما تحدث مثل هذه “الزيجات” في عالمنا العربي، وهكذا تعيش الأسرة الجديدة تحت سقف واحد، ناصحةً الزوجين أن يعملا بجدية داخل إطار الحياة الزوجية، وأن يعيشا حياتهما في الأيام السعيدة وتلك الأيام التي يتخللها اليأس والملل أو التعاسة، أي يعيشا على “الحلوة” و”المرة”، فإنك لا تستطيع أن تستسلم لليأس وتنسحب من ساحة الحياة الزوجية، لمجرد أنك واجهت في طريقك بعض “المطبات”، بل إن الأمور لا تسير دائماً على هواك، بالإضافة إلى ذلك فإن الاحترام والتفاهم هما أقصر الطرق للحب والصداقة وإذابة الجليد بين الزوجين.

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.


*