أخو زوجي يتدخل في حياتنا

السؤال
 

♦ الملخص:

امرأة متزوجة تذكُر أن أخا زوجها يتدخَّل في حياتها مع زوجها؛ مما سبَّب لها مشكلات كثيرة، وتسأل عن حل.

 

♦ التفاصيل:

أنا امرأة متزوجة ولديَّ ثلاثة أبناء، أسكن في بيت مع أهل زوجي؛ حيث يسكن أخوه فوقنا في السطح، ويسكن أهله في الدور الأسفل، أخوه دائم التدخل بحياتنا؛ فمثلًا: إذا ما اشترينا طعامًا من مطعم، يقول له: إن زوجتك لا تطبخ، ويؤثر على زوجي بشدة، ما أدى إلى مشاجرات بيني وبين زوجي، وقد ضربني زوجي غير مرة، وفي المرة الأخيرة أحرقني بالكواية؛ لذا حقدت على زوجي وأخيه، وأردت أن أنتقم من أخيه؛ فدخلت بيته من غير علمه، وسرقت حلقات ماسٍ، ثم إن نفسي لامتني على ذلك، وأردتُ أن أعيدها فاستعنتُ بحماة أخي زوجي، وبالفعل قالت لي: اطمئني وأعطيني حلقات الماس وأنا سأعيدها، فأعطيتها لها، لكنها قامت بإخبار ابنتها، ووصل الأمر لأهل زوجي، فاشترط زوجي عليَّ كي أبقى معه أن يأخذ مني الجوال، لكني رفضت ذلك، واشترطت عليه ألَّا أكون معهم في نفس البيت، لا أدري ما أفعل؛ فضميري يؤنبني لكنهم لا يفهمون ذلك، لا يتكلمون إلا على فَعلتي تلك، أرجو توجيهكم وجزاكم الله خيرًا.

الجواب
 

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيد المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، لا ضيَّعكِ الله أختي الغالية، قال رب العزة: ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾ [الحج: 32]؛ فعلى الإنسان أن يزِنَ أفعاله بميزان الشرع؛ حتى لا نتعرضَ لضغوط قاسية لا تتحملها نفوسنا، فعندما زاد تدخل أخي زوجكِ في حياتكِ، وأفسد عليكِ هدوءكِ – قررتِ الانتقامَ منه بفعلٍ يُغضِب الله عز وجل وهو السرقة انتقامًا منه، وهذه طريقة تغضب الله، وقد حذَّر منها نبينا صلوات الله وسلامه عليه، ونبَّهنا بقوله: ((وايمُ الله، لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها))، وهذا قسم منه ليؤكد أن السرقة من الجرائم التي لا تهاونَ فيها؛ ولذلك لا يصح اتخاذها وسيلة لمعاقبة الآخرين، ماذا لو رأتكِ ابنتُكِ وقلَّدتكِ في هذا الفعل مع زميلاتها بالمدرسة وغيرهم؟ ماذا لو اتهموا الخادمة بالسرقة ظلمًا ووقع عليها أذًى نفسيٌّ كبير، وربما أذًى بدني بالسجن أو الضرب أو غيره؟

 

عمومًا نحمد الله أن رزقكِ ضميرًا حيًّا وعقلًا يقِظًا أعادكِ إلى رشدكِ وجعلكِ تندمين على فعلتكِ، ونسأله سبحانه أن يفرج همَّكِ بعلمه وقدرته.

 

بالطبع كما أخطأتِ في سرقة حلقات الماس، أخطاتِ في طريقة العلاج بأنكِ أشركتِ أمَّ الزوجة وبُحتِ لها بسرقتكِ ظنًّا منكِ أن عندها الأمان، وكان هناك أكثر من وسيط يحفظ سرَّكِ ويعيد الحلقات لصاحبها كزوجكِ مثلًا، لو استأمن أخاه على هذا السر وردَّ إليه الحلقات ربما ما كان أُذيع الخبر، وسبَّب لكِ هذا الجرح الشديد والمعاناة من نظرتهم لكِ وكثرة القيل والقال، أو أن ترديها أنتِ مكانها تائبة لله دون إخبار أحد.

 

الآن عليك أمران، وبإذن الله تمر هذه المشكلة وتُنسى مع الوقت:

أولًا: أن تحتسبي هذا الألم وهذه المضايقات التي تلاحقكِ أنها كفارة عن اجترائكِ على الله، والوقوع في السرقة بدافع الانتقام، فهذا عقابٌ أهونُ بكثير من عقاب الدنيا والآخرة، ويتزامن مع هذا الاحتسابِ التوبةُ لله عز وجل والندم على هذا الفعل، وألَّا تكرريه مرة ثانية مهما بلغ بكِ الغيظ منهم، أنتِ يا حبيبة أكرم على نفسكِ من أن تقومي بهذا الفعل؛ فأنتِ مسلمة مثقفة متعلمة أم وزوجة وأخت لرجال لا يليق بكِ ولا بهم هذا الفعل أبدًا.

 

ثانيا: أن تُصري على طلبكِ بالخروج من هذا البيت، ما دام زوجكِ لا يستطيع منع أخيه من التدخل في حياتكم، فهذا باب شر، وقد حذَّرنا ديننا من شدة الاختلاط والتقارب مع الحمو؛ فقال صلى الله عليه وسلم: ((الحمو الموت))؛ أي: احذروا الاختلاط به كما تحذرون من الموت، أخوه عليه بره وطاعته نعم، ولكن فيما يخصهما، أما فيما يخصكِ أنتِ ويخص إدارتكِ لبيتكِ، فهذا شأنكِ مع زوجكِ فقط.

 

أما إن كان زوجكِ يرفض الخروج أو أنه لا طاقة له بدفع إيجار لبيت خاصٍّ بكما، فلا أقل من بناء درج خارجي مستقلٍّ بكما (مدخل)، فلا تشتركان مع هذا الحمو في مدخل ولا مخرج، وليس له أن يراقبكِ أتطبخين أم تطلبين من مطعم، والأَولى له أن ينشغل بنفسه.

 

ولا يفوتني في هذا الموقف أن أذكركِ بأن التستر عن الناس فيه خير كثير، فلا تختلطي بهم كثيرًا، ولا تعتادي دخول بيتهم ومعرفة كل شيء فيه، فمعنى أنكِ وصلتِ لحلقات الألماس أنكِ تدخلين عندهم وتعرفين مخابئ حياتهم، فهذا أول أسباب الشر، فقد تجرأ عليكِ أخوه؛ لأنه شعر بالتبسط في التعامل منكِ أولًا.

 

كذلك أنصحكِ أن تكوني أكثر تعقلًا في التعامل مع زوجكِ، فلا تمكنيه من ضربكِ أبدًا، فإن ثار ولم تستطيعي مواجهته، فلا أقل من غرفة تدخلينها وتغلقين بابها عليكِ حتى يهدأ أو يتدخل الأهل، أما أن يحرقكِ بالكواية فهذا سلوك مرفوض لا تسمحين به، وطبعًا ذكاؤكِ هو المعين على ذلك؛ لأن المرأة مهما كانت فلن تصدَّ رجلًا ثائرًا.

 

من المهم جدًّا أن تتخذي من محارمكِ رجلًا عاقلًا تبثين إليه همَّكِ، وتأخذين بمشورته أو امرأة من أهلكِ ذات خبرة وحكمة؛ حتى لا تستسلمي للغيظ والانتقام بهذه الطريقة التي ضرتكِ أنتِ وحدكِ، فهم أخذوا الماس وأنتِ بقي لكِ الحزن، أزال الله همك.

 

نأتي للهاتف: زوجكِ يريد أخذه منك، وهذه حالة منتشرة في غالب البيوت، ولكني أرى حلها سهلًا جدًّا، فقط لا تُقدِّمي الهاتف عليه، اتركي الهاتف من يدكِ عندما يدخل، وتحدَّثا ومارِسَا حياتكما مشتركين راضين، فإن خرج أو أمسك هو بهاتفه ولم يعد أمرًا مشتركًا بينكما، فاستخدمي الهاتف وقت استخدامه هو له، وبهذا لن يشعر باستخدامكِ له، وكذلك لا تسرفي في استخدامه؛ فمراقبة الناس لن تزيدكِ إلا همًّا.

 

اجعلي ساعة من يومكِ للذكر، وخير الذكر تلاوة القرآن؛ ستجدين الراحة بدأت تسري في قلبكِ، وأن الهمَّ بدأ يتسرب ويحل محله الرضا والتسليم بإذن الله.

 

وأهمس في عقل زوجكِ: اتسع الخَرْقُ على الراتق أخي الكريم، قد لا تستطيع منع طفل صغير من الهاتف لتمنع امرأة كبيرة مسؤولة، كذلك كل امرأة صغيرة وكبيرة تستطيع أن يكون لديها بدل الهاتف ثلاثة، فكن حكيمًا وأحسن إدارة وقتك ووقتها.

 

وفَّقكم الله لما يحبه ويرضاه، استعيذي بالله من الغضب، ولا تجعليه يدفعك للاستهانة بربكِ عياذًا بالله.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بواسطة:أ\منى مصطفى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *