الزواج هو علاقة بين امرأة ورجل، لكل منهما حقوق وواجبات، ولهما حاجات متعددة، من أهمها الحاجة إلى الاحترام، والحاجة إلى العاطفة والحب والإشباع الجسدي، وهذه العلاقة تعتمد على المشاركة والتعاون في بناء الأسرة، وتربية الأولاد، ومواجهة الحياة والمجتمع، ولا تخلو الحياة الزوجية من مشاكل وضغوطات قد يكون سببها من داخل الأسرة أو من خارجها.
قال الله تعالى: ﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾ [النساء: 19].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا دعا الرجلُ امرأتَه إلى فِراشِه فلم تأتِهِ فَباتَ غضبان عليها؛ لَعَنَتْها الملائكةُ حتى تُصبِحَ))؛ متفق عليه.
تقول أم خالد: معاناتي بسبب أسرتي: أبي، وأُمِّي، وإخوتي، بيتنا مليء بالشحن والضغوطات، أخي دائم التعارك وصاحب مشاكل داخل الأسرة وخارجها، وأُمِّي نكدية وعصبية، على أتفه الأسباب تجعلنا نشعر بالتوتُّر والقَلَق والنكد، وأبي غائب عن البيت مشغول بأعماله ومشاريعه وتجارته.
ويقول أبو محمد: كثرة الديون التي عليَّ جعلتني دائم التفكير في عائلتي ومستقبل أولادي، أصبحتُ متوتِّرًا جِدًّا، لا أشعر بالسعادة والمتعة مع زوجتي وأولادي، ذهني مشغول وشارد عن الحياة، الحياةُ أصبحَتْ ثقيلةً على نفسي.
تُعَدُّ ضغوطات الحياة من أكثر المشاكل التي تُواجه الزوجين؛ بل وتكاد تكون موجودةً في كل بيت، حتى تحوِّل الحياة الزوجية من سيئ إلى أسوأ، والسؤال هنا: كيف نشأت هذه الضغوطات؟ وما مصادرها وأنواعها؟
إن مصادر وأنواع الضغوطات كثيرة؛ كالجهل بتربية الأولاد وطريقة التعامل معهم خاصة في مرحلة المراهقة، الروتين اليومي الذي يصل إلى حالة المَلَل في الحياة الزوجية، صعوبة المعيشة وكثرة الديون المتراكمة على الأسرة، سوء خُلُق أحد الزوجين وقِلَّة الاحترام وتجاهُل الشريك الآخر، الانشغال بالعلاقات الاجتماعية ومحاولة التقليد الأعمى على حساب الطرف الآخر، إدمان المواقع الإلكترونية ومتابعة المشاهير والأخبار الدولية التي لا نهاية لها.
وللتعامل مع هذه الضغوطات نحتاج إلى الحكمة والصبر والتعاوُن بين الطرفين؛ لأن السير بالاتجاه الصحيح سيُحدِث نقلةً نوعيةً في الحياة الزوجية، ويُحقِّق نتائجَ إيجابيةً في تجاوُز ضغوطات الحياة، ومن طُرُق التعامل مع الضغوطات ما يلي:
• العلاقة الإيجابية مع شريك الحياة ومع الآخرين، الإنسان بطبيعته عندما يتعرَّض للضغوط يحتاج إلى الفضفضة واستشارة من يثق بهم؛ لذا كلما كانت العلاقة مع شريك الحياة ومع الأصدقاء والأقارب إيجابية ومصدر أمان لهم خفَّتْ ضغوطات الحياة.
• التعامل بحكمة مع مصدر القَلَق والتوتُّر؛ مثل العمل أو شريك الحياة أو المسائل المالية، وهنا يجب حل المشكلة من بدايتها قبل أن تتفاقم وتكبر وتفسد حياتك الزوجية والنفسية.
• استعن بالله وابتعد عن المعاصي، فإن بعض هذه الضغوطات والمشاكل ناشئة من البُعْد عن الله، قال تعالى في سورة طه: ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ﴾ [طه: 124].
• ابتعد عن متابعة الأخبار التي تشعرك بالتشاؤم والقَلَق، وتُفسِد عليك حياتك الأسريَّة والمالية؛ مثل: متابعة الأسهم الاقتصادية أو الأخبار السياسية أو متابعة المشاهير.
• تعاون مع زوجتك لمواجهة الضغوطات معًا؛ الأسرية والمالية، واستشِر من المتخصصين الصالحين حتى يساعدوك على مواجهة ضغوطات الحياة.
• عوِّد نفسك على العادات والعبادات اليوميَّة الإيجابية والصحيَّة؛ مثل: قراءة حِزْب من كتاب الله، والصلاة مع الجماعة، وممارسة الرياضة، والتنزُّه مع الأسرة، ومجالسة ومتابعة المتفائلين أصحاب الطاقات الإيجابية، وصلة الرَّحِم، وغيرها.
• القناعة بما قدره الله وما كتب لكما، مع فعل الأسباب على التطوير والتجديد، فإنها تبعث الطُّمَأْنينة والراحة النفسية، وتُعطِي شعورًا أنه لن يصيبَكما إلَّا ما كتَبَه الله لكما.
• البُعْد عن اليأس والاستسلام، ومحاولة حل المشكلة ووضع الحلول العملية التي تكون باستطاعتكم تطبيقها، فإن التأفُّف وتأخير الحلول يزيد من الضغوطات.
• أخيرًا استفِدْ من تجارب الناجحين في تخطيهم لمثل هذه الضغوطات، وتَوكَّل على الله، وكُنْ متفائلًا، وتذكَّرْ أنَّ هذه ابتلاءات تُؤجَر عليها عند الله.
أسأل الله أن يُصلِح الشباب والفتيات، وأنْ يجمعَ بين قلوب المتزوجين والمتزوجات على طاعة الله والحُبِّ والتواصُل السليم، وأن يخرج من تحت أيديهم مَنْ يعبد الله على الحَقِّ، وأن يجعل أولادَهم لَبِنات خيرٍ على المجتمع والوطن، وصلَّى الله على سيِّدنا محمد.
السلام عليكم ، مشكلتي مع زوجتي انها عندما تتكلم لاتختار الصيغ الصحيح للكلام وهذا الشي يسبب احراج لها و لي امام الناس وحتى اذا كانت معي وخصوصا اذا امامي اهلي فسيقولون انها لاتعرف ان تتكلم وما اقدر امنعها او اقلل كلامها امام اهلي لانه لاتتكلم كثيرا مثلا الفاظ الكلمات و صيغتها وبعض المفردات التي لاتستخدم امام العامه او لاتستخدم في مجمعتنا الذي انا وهي فيه عالاقل مثلا ، بروح البيت هي تقول بروح بيت يعني لاتعرف متى تضع ال ومتى لا وليس هذا فقط ولكن بشكل عام ومن ناحية اخر هي ك زوجه ماعليها كلام احاول اني اصحح لها بعض الاحيان هي تتقبل عادي ولكن اريد حل اكثر فعاليه بحيث تدرك من نفسها ان الكلام اللي يخرج منها خاطئ هي احيانا لاتدرك ان الذي تقوله خاطئ مثل التيلفون تقول كبيره وليس كبير ، عالاقل لو استدركت الخطأ ستحاول ان تقلل اما اذا تتكلم ولا تعرف ان هي قالت كلام بصيغه خاطئه فستستمر ، اريدها ان تتكلم بشكل صحيح وبعض الاحيان اشعر انها تتكلم اكثر عن لهجه ليس لها لهجه معينه مع العلم انا وهي من نفس الدوله
الرد على الاستشارة:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أخي الفاضل ؛ نرحب بك في موقع المستشار للاستشارات الإلكترونية ، ونشكرك على ثقتك بنا، وطلبك الاستشارة إن دل على شيء فهو يدل على رجاحة عقلك واستقامة خلقك وسعة حلمك، ونسأل الله أن يقدرنا على الأخذ بيدك و إرشادك إلى الطريق الصحيح.
وبالنظر إلى ما أسهبت به قد نعتقد أن زوجتك تعاني من مشكلة الاتصال واضطراب الكلام وهي مشكلة لديها منذ الطفولة ولم تتم معالجتها أو ملاحظتها وهنا لا بد من أن تخضع إلى التشخيص من مختص حتى يتبين لك حقيقة الأمر ويتم علاج المشكلة بشكل فعال وعلمي،
و لتعي أخي الكريم ؛ إن هناك كثيرا من الإعلاميين والسياسيين وحتى القادة وغيرهم الكثير يخضعون لهذا العلاج كي يصلوا إلى مرحلة البلاغة و الفصاحة التي تساهم في تعزيز جودة العمل و جودة الحياة لديهم، و عليك أن تعلم أنك حينما تكون راضياً و محباً لشخص فإنك ترى كل المزايا و المحاسن لديه، و تتغافل عن عيوبه وعن زلاته أو تساهم في تصحيح بعض الصفات لديه ليصل لمرحلة التميز وقد أوضحت ذلك حينما قلت : (هي كزوجة لا يوجد عليها كلام )، وهنا سأستشهد بالشافعي -رحمة الله عليه- حين قال :
وَ عَينُ الرِضا عَن كُلِّ عَيبٍ كَليلَةٌ ·
وَ لَكِنَّ عَينَ السُخطِ تُبدي المَساوِيا
ولقد أوضحت أنه حينما تصحح لها تتقبل ذلك وهي على وعي بالمشكلة التي لديها وهذا جانب جيد لأنه يسهل عليك الكثير لذلك أخي الفاضل ؛ عليك إتباع ما يلي : أولا: استعين بالله واصبر و اجعل هدفك هو زيادة الثقة لزوجتك وعلاج المشكلة وكن لها يد العون والسند .
ثانياً: يجب تفهم مشكلة الزوجة وعدم الضغط عليها و إحراجها ونقدها حتى تتقبل العلاج .
ثالثا: مهد قبل مناقشة موضوع العلاج من خلال الخروج معها خارج المنزل ، وتكلم معها بحب ومودة وحينما تبدأ الحوار تحدث عن محاسنها وجمالها ثم عن حبك لها ثم ناقش معها المشكلة وأوضح لها أنك تريدها أن تصل إلى التميز .
رابعاً: حاول أن تخرجها و تشركها في دورات لها علاقة بزيادة الثقة بالنفس ودورات فن الإلقاء والتحدث الفعال سوف تكسبها سلوكيات و عادات إيجابية وتتغير نحو الأفضل .
خامساً: لابد أن تقدر الفروقات بين الناس من ناحية سلوكهم وتعاملهم مع المواقف، ولا يعتبر أن رأيهم بك و بزوجتك دوماً هو صواب .
سادساً: ولتعلم أن تغيير الآخرين ليس بيدينا وليس بيوم أو ليله وعلينا الصبر ، ولكننا نملك أن نغير أنفسنا من خلال الإرادة الإيجابية و نستطيع أن نؤثر على من حولنا وقد نصل إلى ما نطمح إليه.
هذا و ندعو الله -جل جلاله- أن يصلح حالك وحال زوجتك و يسخرها لك ويجعل السعادة تملأ بيتكما ، و يجمع بينكما في خير و يرزقكما الذرية الصالحة ، وصلى الله وسلم على أشرف خلق سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
ينتاب كثيرًا من المسلمات اليوم شعورٌ بالضيق الشديد إذا ما ذُكر أمامهن موضوعُ تعددِ الزوجات، وفي ذهن كثير منهن صورةٌ سيئة عن هذا الموضوع، ويبدو أن لما يشاهدنه على أجهزة (التلفاز) أثرًا كبيرًا في هذا مع الأسف، فالذي يتزوج على زوجته في نظرهن خائنٌ للعهد، وعديم الوفاء لزوجته، وفي زواجه هذا دمار للأسرة، وضياع للأولاد، وانقطاع لحبل المودة بين الزوجين..!!. أختي المسلمة، دعينا ننظر إلى الموضوع من زاوية أخرى مشرقة، فبدايةً نحن لا ننكر أن للمرأة أن تغار على زوجها، فهذا أمر قد فُطرت عليه النساء، ولكن لا تَدَعي هذه الغيرة توقعك في معصية الله، أو توقع زوجك فيما يغضبه، بل حاولي أن تضبطيها، وتنظري للأمر على أنه بابٌ من أبواب الخير والطاعة والأجر قد ساقه الله إليك… كيف؟.. سأخبرك، وأدعو الله أن يلهمني الصواب في هذا الذي سأقول. حاولي أولاً أن تكوني عوناً لزوجك على أن لا يقع في الحرام، فإن كان زوجك بحاجة للزواج بأخرى، فلا تقفي حجر عثرة أمامه، فلأن يتزوج بأخرى خيرٌ من أن يقع في ما يغضب الله، ولك الأجر في ذلك إن شاء الله. وثانياً، لِمَ لا تنظرين إلى الزوجة الأخرى على أنها أختٌ لك، فتتعاونان أنت وهي في أمور عبادية ودعوية وأسرية واجتماعية، والمجال واسع في ذلك، فهذا أهنأ لك ولزوجك. ثم حاولي أن تُشعريها بأن أولادها هم أولادُكِ، بأن تعطفي عليهم، وتحضري لهم الهدايا، وتهتمي بتربيتهم، وكأنك أمّ ثانية لهم، فأنت بذلك ستكسبين قلبها، فتحبُّك، وتكرمُك أنت وأولادك، وستشعر بأنها هي أيضاً أمّ ثانية لأولادك، وتربيتك لأولادك ولأولادها حتى يكونوا صالحين، يدعون لك بعد وفاتك، صدقة جارية لك. وأخيراً، استغلي اليوم الذي يكون فيه زوجك عند زوجتك الأخرى في القيام بأمور ما كنتِ تستطيعين القيام بها وزوجك عندك، كأن تصومي مثلاً، أو أن تقومي الليل، أو أن تحفظي القرآن، أو أن تطالعي في كتاب، أو أن تمارسي هواية مفيدة تحبينها، أو أي أمر فيه نفع لك في دينك ودنياك. ختاماً أقول لك أختي المسلمة: إن الزواج ليس هدفاً في حد ذاته، بل هو وسيلة من الوسائل التي تستطيعين من خلالها أن تتقربي إلى الله، وأن تعلو درجتك عنده، فأنتِ لا تعيشين لزوجك ولأولادك، بل لإعلاء راية الإسلام والتوحيد من خلال زوجك وأولادك، فأنت فردٌ في أُمَّة، وأسرتُك لَبِنَة في صرح عظيم، يحاول أعداءُه هدمه بشتى الوسائل والسبل، فهوِّني عليك موضوع تعدد الزوجات، فإن هنالك ما هو أعظم وأجدر بالاهتمام… والحمد لله رب العالمين.
أعاني من تشتت اسري وتفكير بالطلاق لاني اشك في صدق زوجي يقول ذاهب للعمل وهو يبث تيك توك صار كل مره يذهب للعمل اشك فيه وابي استقر عاطفيا انا احس بتهديد طول الوقت وخوف من انه يخبي اكثر لاني سابقا فتحت معه موضوع التيك توك واني اكره انه يبث لان هذا التصرف يقلل من شأنه فالمحتوى اغاني وتحديات مضحكه وغير لائقه بكونه ٣٥ سنه رد قائلا بأني ادقق كثيرا وهذي صفه منفره وانه يشعر بالضيق مني لاني اتتبعه وابحث خلفه ، انا اخجل منه وبدأت اخاف على بيتي اشعر دائما باني اريد حمل حقائبي والذهاب لاهلي ، لكن اخاف ان اندم ،
الرد على الاستشارة:
بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله ؛ أما بعد : شكراً على ثقتك بمنصة المستشار .
أختي الفاضلة ؛ الحل -بارك الله فيكِ- يبدأ أولًا بالاستعانة بالله تعالى ، ثم أن تبعدي الأفكار السلبية عن حياتك والقلق لأن كثره التفكير ستأثر سلباً عليك أنتِ ، وطالما زوجك يحبك و يقدرك وغير مقصر معك لا تبحثي عن شيء يكدرك ، واصلي نصحه ولكن بالطريقة الغير المعتادة ، و أخبريه أن رمضان فُرصة لترك كل الذنوب ولكن بدون أن تحددي له أو تلمحي للموضوع وهو سيفهم ، و أكرر و أوصيك بعدم البحث والتفتيش فالرجل لا يحب الوصاية ولا أن يكون في وضع شبهة وخاصة أن الموضوع ليس بالأمر الجلي مجرد تطبيق وبإمكانه تركه بأي وقت وبإمكانك أن تشاركيه باختيار المحتوى بدون أن يستنقص من شأنه ولا احترامه لذاته و تشجعيه على ذلك لأن من الواضح من إصرار زوجك عليه لأنه مهرب و متنفس له ويجد الدعم من الخارج ، ولكن إن قمتِ بهذا الدور سوف يكتفي و من المرجح أن يمل و يتركه مع مرور الوقت .
أما بالنسبة لموضوع ذهابك لأهلك هذا ليس بالسبب الكافي للطلاق أو تكبير المشاكل أين التفاهم من حياتك؟ و لتعلمي بأن الحياة الزوجية لا تخلو من المنغصات و الخلافات بين الزوجين .
أظهري الحب والدعم والتشجيع و الثقة الكافية للتعبير عن مشاعره أو إظهار اختلافاته في الرأي .
الضغط النفسي الذي يسببه الشجار المتكرر بينكما يدمر الطرفين ، الحياة الزوجيه تتطلب منكما بعض الجهد لإبقائها على وتيرة مليئة بالطمأنينة من اليوم و صاعداً غيري نظرتك للأمور و أبقِها بصفك وصفه بلا خلافات بالتفاهم و الحوار الجيّد .
أسأل الله لكما الحياة المستقرة السعيّدة ، وأن يجعل بينكما أواصر الألفة والمحبة أقوى .
إذا ما فـُقِد مِفْتاح بيت أو سيارة في مكان مُظلِم، فحاولت مساعدة صاحبه، وسألته: أين فُـقِد المفتاح؟ فردَّ قائلًا: هناك في المكان المظلم؟ أراك تبحث هنا؟! نعم: هذا ما “يمكنني” فعله، فأنا لا أرى إلا هنا؛ حيث الضوء! سترد عليه: “ما يجب” عليك فعله هو البحث عن مِفْتاحك حيثما سقط، حاملًا ما يُعينك على تلمُّس ضالَّتك.
في أمور استقرار واستمرار السكينة والراحة والمودَّة والرحمة: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الروم: 21]، ماذا عسى المرء أن يـُقوِّم “نمط تفكير وسلوك” ذلك الذي يفعل مثلما فعل “صاحب المفتاح”؟ إنه لا يبحث عن ضالَّتِه “الأسرية” حيثما “ينبغي” أن توجد؛ بل حيثما “يمكنه” فعله، فــ”يتوهَّم” أن يجدها، وهيهات هيهات حتى لو استمرَّ الدهر باحثًا عنها! وإن اللافت للنظر وللدهشة في آنٍ، أنَّ كثيرًا من الناس يتيهون في متاهات “الممكن”: “من الممكن” أن تكون السعادة الأسريَّة في جَمْع المال، و”من الممكن” أن تكون في الولد، و”من الممكن” أن تكون في الجاه والمنصب، و”من الممكن” أن تكون في كذا وكذا من الأغراض المادية، وحينما لا تتحقَّق هذه الأمور – عند الكثيرين، وفي شواهد من تجارب الآخرين- “الهدف المنشود” من وراء تحصيلها؛ بل لعلَّها تتوافر متزامنة مع مظاهر القَلَق والتوتُّر وعدم الاستقرار الأسري والاجتماعي والنفسي، يعود التساؤل بإلحاح: أين “يجب” أن تكون السعادة الأُسريَّة إذن؟
إنها آيات ترسم منهاج حياة الاستجابة لله وللرسول فيه الحياة الحقيقة، وليس “حياة” يسيرها هوى المرء ساعتئذٍ ستكون فتن عامة لا تصيب الذين ظلموا خاصة، عند الله وحده الأجر العظيم، لا حيثما يظن أو يتوهم أو يمكن للمرء أن يستغني عنه تعالى، بالمال والولد وأغراض الدنيا الزائلة، إنه مع تقوى الله تعالى، والسير على منهاجه يُعطي المؤمن “فرقانًا” يُميِّز به بين الحق والباطل، بين الهدى والضلال، بين”الممكن والواجب”، فمن الواجب ابتداءً حُسْن اختيار الأُمِّ ذات الدِّين، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((تُنكَح المرأةُ لأربعٍ: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدِينِها، فاظْفَرْ بذاتِ الدِّين تَرِبَتْ يداك))؛ (رواه البخاري ومسلم وغيرهما).
الأُمُّ مدرسةٌ إذا أعْدَدْتَها أعْدَدْتَ شَعْبًا طيِّبَ الأعْراق
سعادتُنا الأُسريَّة الحقيقية تكون في الحرص على تحقيق الهدف منها، ومن الحياة عامة، عبادة لله تعالى وإخلاصًا له، وامتثالًا واجبًا لأمره تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56]، الإخلاص لله تعالى في كل الأعمال والأقوال والأموال والأولاد كنز ملؤه الرِّضا والسكينة والحبور، وسبيل سعادتنا في حبِّنا لله تعالى، وشعورنا بحبِّ الله تعالى لنا: ﴿ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [المائدة: 54]، ومن ثَمَّ يتحقَّق وعده بالأمن بعد الخوف: ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [النور: 55].
ومن الواجب تحديد الأدوار، وعدم خلطها، ومواجهة الابتلاءات، والقيام بجد وجدارة بما هو مطلوب، إنه التفاني في العمل، وتقدير “قيمته”، وحب ما يُعمَل، فيتحقق أفضلما يُتمنَّى، حتى لو كان عملًا بسيطًا، أمثال هؤلاء يشعرون بأهميتهم، ويُحقِّقُون ذاتيَّتَهم، وتثري نفوسهم، وفي ملازمة الأم لأطفالها- خصوصًا في سنواتهم الخمس الأولى – شعوربالطُّمَأْنينة والأمن، وهما سياجان ضروريَّان لنموٍّ سليمٍ، وسعادةٍ أسريَّةٍ لاحقة، يقول صلى الله عليه وسلم: ((نساءُ قريش خيرُ نساء ركبْنَ الإبل،أحناه على طفل، وأرعاه على زوج في ذات يده))؛ (رواه مسلم، من حديث أبي هريرة رضي اللهعنه).
و”للأبوَّة والأُمُومة” واجباتها المسئولة، حيث سُبُل ووسائل التربية بأنواعها قدوةً واقتداءً، عطفًا وحزمًا، وحنانًا ودَعْمًا إيجابيًّا، نخبرهم بحبِّنا لهم، فعن عائشة رضي الله عنها، قالت: جاء أعرابيٌّ إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: أتُقبِّلون الصبيان؟، فقال صلى الله عليه وسلم: ((أَوَ أَمْلِكُ لَكَ أَنْ نَزَعَ اللهُ مِنْ قَلْبِكَ الرَّحْمَةَ؟))؛ (رواه البخاري).
لنُصحِّح عقيدة أبنائنا، ونعوِّدهم المسؤولية عن أنفسهم وإيمانهم؛ لِنَكُنْ قريبين من أبنائنا عندما يلجئون إلينا طلبًا للنصح والدعم الأبوي، ولا ندع شواغلنا أو شواغل الأم تمنعاننا من أداء دورنا التربوي، لنُقدِّر ونحترم مشاعرهم وآراءهم وخبرتهم مُنْصتين إليهم بصدق، يقول الشاعر:
ليس اليتيمُ مَنِ انْتَهى أبَوَاهُ مِن هَمِّ الحياةِ وخلَّفاه ذليلا إنَّ اليتيمَ هو الذي تلقى له أُمًّا تخلَّتْ أو أبًا مشغولا
من الواجب تحقيق الاستقرار لأُسَرنا، بعدم التوتُّر والشقاق والشِّجار أو التمييز بين الأولاد، ولتكن الخلافات بعيدًا عن أعيُن الأطفال؛ لنعوِّدهم على الاهتمام بمشاعر الآخرين، وأمور المسلمين ليعرفوا أنهم ضمن كيان كبير (انظر د. أحمد عمر هاشم: أبناؤنا بين الحاضر والمستقبل في رحاب الإسلام: الهيئة المصرية العامة للكتاب، مكتبة الأسرة 2003م).
كما نحرص على إلحاقهم بالمدرسة والجامعة الآمنة ذات الدور التربوي المُهِم والمساعد للأسرة، والمناسب لميولهم وقدراتهم، ولنتابع تحصيلهم الدراسي وإنجازاتهم، ولنراقب ولنعلم الكثير عن رفاق دراستهم.
وينبغي أن نُربِّي أُسَرَنا على قِيَم الشُّكْر والصبر والاستغفار والعفو، فهي من أهم القِيَم الباعثة على الشعور بـ”السعادة الأسرية”: ((من أعطي فشكر، ومنع فصبر، وظـَلَم فاستغفر، وظُـلم فغفر))، وسكت، قال: فقالوا: يا رسول الله، ما له؟ قال: ((أولئك لهم الأمن وهم مهتدون))؛ (رواه ابن مردويه، من حديث عبد الله بن سخبرة))، وهل السعادة إلا “أمن واهتداء وهداية”؟!
ومن الواجب عدم الركون إلى الدنيا، وعدم الإسراف في زينتها وتحمُّل ابتلائها، فالابتلاء من سُنَن الله في عباده: ((عجبْتُ لأمْرِ المؤمنِ، إنَّ أمْرَ المؤمنِ كله له خير، وليس لأحدٍ إلَّا للمؤمن، إنْ أصابَتْهُ سرَّاءُ شكَرَ، فكان خيرًا له، وإنْ أصابَتْهُ ضَرَّاءُ صبَرَ فكانَ خيرًا له))؛ (رواه أحمد).
بعض الأُسَر تعوَّدت على تكرار «لو/ من الممكن»: مثل حياتنا ستكون كاملة «لو» لو كنا كذا وكذا من آمال؛ بيد أن الأُسَر السعيدة لا تُضيِّع وقتها أو تفكيرها في هذه الأمور “المتوهمة” فتذهل عمَّا في أيديها؛ بل يستمتعون بلحظاتهم وبما معهم، إنه “واجب” العيش في حدود اليوم، راضين بالاستقرار الأسري والعافية، وقوت يوم واحد، دون حزن على مفقود، أو تكلُّف بموجود، أو قلق على غدٍ موعودٍ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أصبح آمِنًا في سِرْبه، معافًى في بَدَنِه، عنده قوتُ يومِه، فكأنَّما حيزت له الدُّنْيا بحذافيرها))؛ (رواه الترمذي).
أُسَر تُخطِّط لأيامها لتجلب لهاالمتعة، فالسعادة أمرٌ يمكن الإعداد له، يُحلِّلُون نشاطاتهم، ويزيلون أو يتناسون ما يُقْلِقهم، ويجددون بالإيمان حياتَهم، ويُنوِّعون أساليب معيشتهم، ويُغيِّرون من “الروتين” الذي يعيشونه؛ لكن”إذا أرادوا العسل فلا يحطمون خلية النحل”، علينا بالمشي والرياضة، واجتناب الكسل والخمول، وهجران الفراغ والبطالة، لا يُضيِّع العُمر في التنقُّل بين المِهَن، فمعنى هذا أن ليس ثمة نجاح في شيء.
إن تحويل ساعة يوميًّا من نشاط روتيني غير مُحبَّب إلى آخر مُحبَّب (كالقراءة أو الكتابة أو قضاء وقت ماتع مع العائلة الكبيرة) يُسبِّب تحسُّنًا ملحوظًا في معدل الشعور بالسعادة العام، فقط هم يبادرون بالتغيير.
من الواجب العناية بالأنفس جوهرًا ومظهرًا، والتخلُّق بالحلم والعفو والصفح، والتماس الأعذار لمن أساء، لنعِشْ في سكينة وهدوء، وإيَّاك ومحاولة الانتقام، ابسط وجهك لأسرتك وللناس تكسب ودَّهم، وألِنْ لهم الكلام يحبُّوك، وتواضَعْ لهم يُجِلُّوك، فالسعداءُأكثَرُ قابليةً للعطاء والبذل والجود، وإسعاد الآخرين، و”فاقد الشيء لا يُعطيه”، ليس من المستغرب أن يكون لـ “كمِّ” العلاقاتوالدائرة الاجتماعية علاقة مباشرة بمدى سعادة الأُسَر، ولكنالأهم هو “نوعيتها”، صلة الرَّحِم القريبة والبعيدة، والتواصل “الداعم” مع الصالحين الأتقياء الأوفياء ترفع الشعور بالفرح والرِّضا، وإن الإسراع بتحصين وإعفاف الشباب من أبنائنا، ومساعدتهم في تيسير نفقات الزواج يحل مشكلات ومعضلات، مصداقًا لقول رسول الله صلىالله عليه وسلم: ((يا معشرَ الشَّبابِ، مَنِ اسْتطاعَ منكم الباءةَ فليتزوَّج، فإنه أغَضُّللبَصَر وأحْصَنُ للفَرْج، فمن لم يستطِعْ فعليه بالصوم، فإنَّه له وِجاء))؛ (رواه الجماعة).
في الختام: إن الحياة كلها، ومنها الحياة الأسرية، رهن بوعي المسلم ما “يجب” عليه فعله، في الوقت والمكان المناسب لا ما “يمكن” فعله في أي وقت وفي أي مكان، ((أن يَراك الله حيث أمرك، وأن يفقدَك حيث نهاك))، نُودِي للصلاةِ فينبغي أن تكون حيثما نُودي بها، وجب نصاب الزكاة وحال عليه الحَوْلُ، فيجب إن تؤدي الزكاة، أقْبَل رمضانُ، فيجب أن تكون صائمًا قائمًا، أقْبَل موسم الحج، واستطعت إليه سبيلًا، فينبغي أن تكون من الحجيج حيث تتنزَّلُ الرَّحَمات، جهل عليك أحدُهم فينبغي مقابلة الإساءة بالحسنة، فمَنْ عفا وأصلح فأجره على الله، اضطربت بعض أحوال الأسرة، ماديًّا ومعنويًّا، ينبغي أن تُراجِع أحوالَكَ لتكون حيثما “يجب” أن تكون، فربَّما كنت في خانة “الممكن”، لقد حرص السلف الصالح على إيضاح “واجبات الأوقات” وما يجب أو ينبغي فعله فيها، وإلَّا فاتت وضاعت هباءً منثورًا في حين سيبقى السؤال والحساب عنها لم ضُيِّعت، ولا توجد أسرة تعسة، بل توجد أفكار وأقوال، وسلوكيات وتوجُّهات وأفعال لا تُسبِّب الشعور بالسعادة الأسرية، ولن تشعر الأسرة بسعادتها الداخلية، والخارجية إلَّا بإيمانها الصادق وأعمالها الصالحة وَفْق ما أمر الله تعالى، وسنَّ رسولُه صلى الله عليه وسلم.
ممن الممكن أن تحيا أُسَرٌ أيَّ حياةٍ؛ لكن لن تكون سعيدةً آمنةً معافاةً في أهلها وعشيرتها إلا إذا عرفت ما يجب عليها فعله، لا ما يمكنها فعله، أمور حدَّدَها لنا شرعُنا الحنيف، فلنعضَّ عليه بالنواجذ كي لا تأخُذْنا متاهات الأفكار والأوهام.